للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ فِيمَا أُنْزِلَ حَسَنٌ وَأَحْسَنُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَحْسَنُ هُوَ وَالنَّاسِخُ الَّذِي يَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ دُونَ الْمَنْسُوخِ إذْ كَانَ لَا يَنْسَخُ آيَةً إلَّا يَأْتِي بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَوْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ بَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ هُوَ الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ السَّلَفِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الطَّوَائِفِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ وَكَلَامُ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مُنْتَشِرٌ فِي كُتُبٍ كَثِيرَةٍ مِثْلَ مَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: ثُلُثٌ مِنْهُ أَحْكَامٌ وَثُلُثٌ مِنْهُ وَعْدٌ وَوَعِيدٌ وَثُلُثٌ مِنْهُ الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ. وَهَذِهِ السُّورَةُ جَمَعَتْ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ. وَمِثْلَ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمْعَانِي الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ " الِاصْطِلَامِ " وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ سَائِرَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقُرْآنِ لَا تَخْتَصُّ بِالْفَاتِحَةِ قُلْت: سَائِرُ الْأَحْكَامِ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِالْقُرْآنِ عَلَى الْعُمُومِ وَهَذَا عَلَى الْخُصُوصِ بِدَلِيلِ أَنَّ عِنْدَنَا قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ عَلَى التَّعْيِينِ مَشْرُوعَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَعِنْدَكُمْ عَلَى السُّنَّةِ. قَالَ: وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لَمَّا وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ وَجَبَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْفَاتِحَةُ لِأَنَّ الْقُرْآنَ امْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ بِالْإِعْجَازِ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ سُورَةٌ وَهَذِهِ السُّورَةُ أَشْرَفُ السُّوَرِ لِأَنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَلِأَنَّهَا تَصْلُحُ عِوَضًا عَنْ جَمِيعِ السُّورِ وَلَا