للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُتَّقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فَهَذَا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} وَلِهَذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ ذَنَبٌ أَصْلًا بَلْ الْهَمُّ الَّذِي هَمَّ بِهِ لَمَّا تَرَكَهُ لِلَّهِ كَتَبَ لَهُ بِهِ حَسَنَةً وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ سُبْحَانَهُ تَوْبَةً وَاسْتِغْفَارًا كَمَا ذَكَرَ تَوْبَةَ الْأَنْبِيَاءِ كَآدَمَ ودَاوُد وَنُوحٍ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَنْ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ فَاحِشَةً وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَإِنَّمَا كَانَتْ تَوْبَاتُهُمْ مِنْ أُمُورٍ أُخَرَ هِيَ حَسَنَاتٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمْ وَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ لِيُوسُفَ نَظِيرٌ فِيمَا اُبْتُلِيَ بِهِ مِنْ دَوَاعِي الْفَاحِشَةِ وَتَقْوَاهُ وَصَبْرِهِ فِي ذَلِكَ. وَإِنَّمَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ قَلْبُهُ بِالْمَسْجِدِ إذَا خَرَجَ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجِمَالٍ فَقَالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةِ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ} وَإِذَا كَانَ الصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى لِئَلَّا يَفْعَلَ الْفَاحِشَةَ أَعْظَمَ مِنْ صَبْرِهِ عَلَى ظُلْمِ إخْوَتِهِ فَكَيْفَ بِصَبْرِ الرُّسُلِ عَلَى أَذَى الْمُكَذِّبِينَ لِئَلَّا يَتْرُكُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ دَعْوَتِهِمْ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَأَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيِهِمْ عَنْ