للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} . وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْأَمْرِ مِنْ طَلَبٍ وَاسْتِدْعَاءٍ وَاقْتِضَاءٍ سَوَاءٌ قِيلَ: إنَّ هُنَاكَ إرَادَةً شَرْعِيَّةً وَأَنَّهُ لَا إرَادَةَ لِلرَّبِّ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ سِوَاهَا كَمَا تَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَنَحْوُهُمْ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ أَوْ قِيلَ: لَا إرَادَةَ لِلرَّبِّ إلَّا الْإِرَادَةُ الْخِلْقِيَّةُ الْقَدَرِيَّةُ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَأَنَّ إرَادَتَهُ عَيْنُ نَفْسِ مَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ وَأَنَّ إرَادَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَرِضَاهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ مَا يُوجَدُ مِنْ إيمَانٍ وَكُفْرٍ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِمَا لَا يُوجَدُ سَوَاءٌ كَانَ إيمَانًا أَوْ كُفْرًا وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ لَهَا أَثَرٌ فِي وُجُودِ مَقْدُورِهِ وَلَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ قُوًى وَأَسْبَابٌ يَخْلُقُ بِهَا وَلَا لِلَّهِ حِكْمَةٌ يَخْلُقُ وَيَأْمُرُ لِأَجْلِهَا كَمَا يَقُولُ هَذَا وَمَا يُشْبِهُهُ جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ رَأْسُ الْجَبْرِيَّةِ هُوَ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ طَوَائِفِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَبَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ كَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ نَاقَضُوا الْقَدَرِيَّةَ الْمُعْتَزِلَةَ مُنَاقِضَةً أَلْجَأَتْهُمْ إلَى إنْكَارِ حَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَإِنْ كَانَ مَنْ يَقُولُ بِبَعْضِ ذَلِكَ يَتَنَاقَضُ وَقَدْ يَثْبُتُ أَحَدُهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْمَعْنَى.