للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} {إنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} . وَبَعْضُ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ قَوْلَهُ {هُوَ الْخَلَّاقُ} إشَارَةً إلَى أَنَّهُ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فَلَا يَنْبَغِي التَّشْدِيدُ فِي الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ بَلْ يَصْفَحُ عَنْهُمْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ لِأَجْلِ الْقَدَرِ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْجَهْلِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ عَاقَبَ الْمُخَالِفِينَ لَهُ وَلِرُسُلِهِ. وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَ بِمُعَاقَبَتِهِمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ مِنْ الْعَذَابِ مَا يُنَافِي قَوْلَ هَؤُلَاءِ الْمُعَطِّلِينَ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ. وَقَوْلُهُ {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} تَعَلَّقَ بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} فَإِنَّ لَهُمْ مَوْعِدًا يُجْزَوْنَ فِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} {فَذَكِّرْ إنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} {إلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} {فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} {إنَّ إلَيْنَا إيَابَهُمْ} {ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} وَقَوْلُهُ: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ} وَقَوْلُهُ {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} وَلَمْ يَعْذُرْ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ بِالْقَدَرِ وَلَوْ عَذَرَ بِهِ لَكَانَ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِذَلِكَ وَآدَمُ إنَّمَا حَجَّ مُوسَى لِأَنَّهُ لَامَهُ عَلَى الْمُصِيبَةِ الَّتِي أَصَابَتْ الذُّرِّيَّةَ فَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا أَخَرَجْتنَا وَنَفْسَك مِنْ الْجَنَّةِ؟ وَمَا أَصَابَ الْعَبْدُ مِنْ الْمَصَائِبِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ فِيهَا لِلَّهِ وَيَعْلَمَ أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ