للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مُسَاءَتَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ} . وَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُتَقَرِّبَ لَيْسَ هُوَ الْمُتَقَرَّبَ إلَيْهِ؛ بَلْ هُوَ غَيْرُهُ. وَأَنَّهُ مَا تَقَرَّبَ إلَيْهِ عَبْدُهُ بِمِثْلِ أَدَاءِ الْمَفْرُوضِ وَأَنَّهُ لَا يَزَالُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَقَرَّبُ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى يَصِيرَ مَحْبُوبًا لِلَّهِ فَيَسْمَعُ بِهِ وَيُبْصِرُ بِهِ وَيَبْطِشُ بِهِ وَيَمْشِي بِهِ. ثُمَّ قَالَ {وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ} فَفَرَّقَ بَيْنَ السَّائِلِ وَالْمَسْئُولِ وَالْمُسْتَعِيذِ وَالْمُسْتَعَاذِ بِهِ وَجَعَلَ الْعَبْدَ سَائِلًا لِرَبِّهِ مُسْتَعِيذًا بِهِ. وَهَذَا حَدِيثٌ شَرِيفٌ جَامِعٌ لِمَقَاصِدَ عَظِيمَةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا بَلْ الْمَقْصُودُ هُنَا الْكَلَامُ عَلَى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَحْسَنَ الْوُجُوهِ أَنَّ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: تَوْحِيدٌ وَقَصَصٌ وَأَحْكَامٌ. وَهَذِهِ السُّورَةُ صِفَةُ الرَّحْمَنِ فِيهَا التَّوْحِيدُ وَحْدَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ. وَالْكَلَامُ نَوْعَانِ: إمَّا إنْشَاءٌ وَإِمَّا إخْبَارٌ وَالْإِخْبَارُ إمَّا خَبَرٌ عَنْ الْخَالِقِ وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ الْمَخْلُوقِ. فَالْإِنْشَاءُ هُوَ الْأَحْكَامُ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. وَالْخَبَرُ عَنْ الْمَخْلُوقِ هُوَ الْقَصَصُ. وَالْخَبَرُ عَنْ الْخَالِقِ هُوَ ذِكْرُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ سُورَةٌ هِيَ وَصْفُ الرَّحْمَنِ مَحْضًا إلَّا هَذِهِ السُّورَةَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ