للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ لَفْظًا وَمَعْنًى. وَإِنَّمَا يُرِيدُ محققوا أَهْلِ السُّنَّةِ بِقَوْلِهِمْ " الصِّفَاتُ زَائِدَةٌ عَلَى الذَّاتِ " أَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَى مَا أَثْبَتَهُ نفاة الصِّفَاتِ مِنْ الذَّاتِ فَإِنَّهُمْ أَثْبَتُوا ذَاتًا مُجَرَّدَةً لَا صِفَاتٍ لَهَا فَأَثْبَتَ أَهْلُ السُّنَّةِ الصِّفَاتِ زَائِدَةً عَلَى مَا أَثْبَتَهُ هَؤُلَاءِ فَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ وَالْخَبَرِ لَا زِيَادَةَ عَلَى نَفْسِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ. بَلْ نَفْسُهُ الْمُقَدَّسَةُ مُتَّصِفَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُفَارِقَهَا فَلَا تُوجَدُ الصِّفَاتُ بِدُونِ الذَّاتِ وَلَا الذَّاتُ بِدُونِ الصِّفَاتِ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ الصفاتية - الَّذِينَ سَلَكُوا مَسْلَكَ ابْنِ كُلَّابٍ - إذَا قَالَ أَحَدُهُمْ فِي الصِّفَاتِ إنَّهَا مُتَمَاثِلَةٌ فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ إذْ الْمِثْلَانِ مَا سَدَّ أَحَدُهُمَا مُسَدَّ الْآخَرِ وَقَامَ مَقَامَهُ وَالْعِلْمُ لَيْسَ مَثَلًا لِلْقُدْرَةِ وَلَا الْقُدْرَةُ مَثَلًا لِلْإِرَادَةِ وَأَمَّا الْكَلَامُ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْوَاحِدُ يَمْتَنِعُ فِيهِ تَفَاضُلٌ أَوْ تَمَاثُلٌ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَاَلَّذِينَ يَمْنَعُونَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ اللَّهِ بَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ لَهُمْ مَأْخَذَانِ: " أَحَدُهُمَا " أَنَّ صِفَاتِ الرَّبِّ لَا يَكُونُ بَعْضُهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَتَفَاضَلُ.