للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنْ كَانَ قَدْ قِيلَ: فَهُوَ مِمَّا يُعْلَمُ انْتِفَاؤُهُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَكَذَلِكَ مَا قَالَتْهُ النَّصَارَى: مِنْ أَنَّ الْمَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ وَمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْيَهُودِ أَنَّ الْعُزَيْرَ ابْنُ اللَّهِ فَإِنَّهُ قَدْ نَفَاهُ سُبْحَانَهُ بِهَذَا وَبِهَذَا. فَإِنْ قِيلَ: أَمَّا عَوَامُّ النَّصَارَى فَلَا تَنْضَبِطُ أَقْوَالُهُمْ وَأَمَّا الْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ عُلَمَائِهِمْ وَكُتُبِهِمْ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: أَنَّ أُقْنُومَ الْكَلِمَةُ وَيُسَمُّونَهَا الِابْنَ تَدْرَعُ الْمَسِيحَ أَيْ اتَّخَذَهُ دِرْعًا كَمَا يَتَدَرَّعُ الْإِنْسَانَ قَمِيصَهُ فَاللَّاهُوتُ تَدْرَعُ النَّاسُوتَ وَيَقُولُونَ: بِاسْمِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ إلَهٌ وَاحِدٌ قِيلَ قَصْدُهُمْ أَنَّ الرَّبَّ مَوْجُودٌ حَيٌّ عَلِيمٌ فَالْمَوْجُودُ هُوَ الْأَبُ وَالْعِلْمُ هُوَ الِابْنُ وَالْحَيَاةُ هُوَ رُوحُ الْقُدُسِ هَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَلْ مَوْجُودٌ عَالِمٌ قَادِرٌ وَيَقُولُ الْعِلْمُ هُوَ الْكَلِمَةُ وَهُوَ الْمُتَدَرِّعُ وَالْقُدْرَةُ هِيَ رُوحُ الْقُدُسِ؛ فَهُمْ مُشْتَرِكُونَ فِي أَنَّ الْمُتَدَرِّعَ هُوَ أُقْنُومُ الْكَلِمَةِ وَهِيَ الِابْنُ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي التَّدَرُّعِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُمَا جَوْهَرٌ أَوْ جوهران؟ وَهَلْ لَهُمَا مَشِيئَةٌ أَوْ مَشِيئَتَانِ وَلَهُمْ فِي الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ كَلَامٌ مُضْطَرِبٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ. فَإِنَّ مُقَالَةَ النَّصَارَى فِيهَا مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ مَا يَتَعَذَّرُ ضَبْطُهُ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ مَأْخُوذًا عَنْ كِتَابٍ مُنَزَّلٍ وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ وَلَا هُوَ مُوَافِقٌ لِعُقُولِ الْعُقَلَاءِ فَقَالَتْ الْيَعْقُوبِيَّةُ صَارَ جَوْهَرًا وَاحِدًا وَطَبِيعَةً وَاحِدَةً وَأُقْنُومًا وَاحِدًا كَالْمَاءِ فِي اللَّبَنِ. وَقَالَتْ