للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذَا قُلْتُمْ هُوَ جِسْمٌ كَانَ مُرَكَّبًا مُؤَلَّفًا مِنْ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ أَوْ مِنْ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ وَمَا كَانَ مُرَكَّبًا مُؤَلَّفًا مِنْ غَيْرِهِ كَانَ مُفْتَقِرًا إلَيْهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ صَمَدٌ وَالصَّمَدُ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ فَالْمُرَكَّبُ لَا يَكُونُ صَمَدًا. فَيُقَالُ: أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُرَكَّبٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ أَجْزَاءَ وَأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ وَالِانْقِسَامَ وَالِانْفِصَالَ فَهَذَا بَاطِلٌ شَرْعًا وَعَقْلًا فَإِنَّ هَذَا يُنَافِي كَوْنَهُ صَمَدًا كَمَا تَقَدَّمَ وَسَوَاءٌ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَتْ الْأَجْزَاءُ مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ اجْتَمَعَتْ أَوْ قِيلَ: إنَّهَا لَمْ تَزَلْ مُجْتَمِعَةً لَكِنْ يُمْكِنُ انْفِصَالُ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ كَمَا فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَجْسَامِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَزَلْ مُجْتَمِعَ الْأَعْضَاءِ: لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَدَّمْنَا أَنَّ كَمَالَ الصَّمَدِيَّةِ لَهُ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَجُوزُ عَلَى مَا يَجُوزُ أَنْ يَفْنَى بَعْضُهُ أَوْ يَعْدَمَ وَمَا قَبْلَ الْعَدَمِ وَالْفِنَاءِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبَ الْوُجُودِ بِذَاتِهِ وَلَا قَدِيمًا أَزَلِيًّا؛ فَإِنَّ مَا وَجَبَ قِدَمُهُ امْتَنَعَ عَدَمُهُ وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ الَّتِي لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِهَا وَهِيَ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَعْدَمَ اللَّازِمُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْمَلْزُومِ. وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ. الصَّمَدُ هُوَ الدَّائِمُ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الصَّمَدِيَّةِ إذْ لَوْ قَبْلَ الْعَدَمِ لَمْ تَكُنْ صَمَدِيَّتُهُ لَازِمَةً لَهُ؛ بَلْ جَازَ عَدَمُ صَمَدِيَّتِهِ فَلَا يَبْقَى صَمَدًا وَلَا