للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى الْعُلُوِّ حَرَكَةَ انْتِقَالٍ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ وَحَرَكَةُ الرَّوْحِ بِعُرُوجِهَا وَسُجُودِهَا لَيْسَ كَذَلِكَ. فَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ إذَا وَصَفَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ يَنْزِلُ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَأَنَّهُ يَدْنُو عَشِيَّةَ عَرَفَةَ إلَى الْحُجَّاجِ " وَأَنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى فِي الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ وَأَنَّهُ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ: لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَكُونَ هَذِهِ الْأَفْعَالُ مِنْ جِنْسِ مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ نُزُولِ هَذِهِ الْأَعْيَانِ الْمَشْهُودَةِ حَتَّى يُقَالَ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ تَفْرِيغَ مَكَانٍ وَشَغْلَ آخَرَ. فَإِنَّ نُزُولَ الرُّوحِ وَصُعُودَهَا لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ فَكَيْفَ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ لَهُمْ صُعُودٌ وَنُزُولٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ. فَلَا يَجُوزُ نَفْيُ مَا أَثْبَتّه اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَلَا يَجُوزُ تَمْثِيلُ ذَلِكَ بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ لَا سِيَّمَا مَا لَا نُشَاهِدُهُ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ فَإِنَّ مَا ثَبَتَ لِمَا لَا نُشَاهِدُهُ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لَيْسَ مُمَاثِلًا لِمَا نُشَاهِدُهُ مِنْهَا فَكَيْفَ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي هُوَ أَبْعَدُ عَنْ مُمَاثَلَةِ كُلِّ مَخْلُوقٍ مِنْ مُمَاثَلَةِ مَخْلُوقٍ لِمَخْلُوقِ وَكُلُّ مَخْلُوقٍ فَهُوَ أَشْبَهُ بِالْمَخْلُوقِ الَّذِي لَا يُمَاثِلُهُ مِنْ الْخَالِقِ بِالْمَخْلُوقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.