للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ قَالَ: {الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ} .

فَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَمَا أَرَادَهُ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ هُوَ أَصْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّعَادَةِ وَالنَّجَاةِ ثُمَّ مَعْرِفَةُ مَا قَالَ النَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ لِيَنْظُرَ الْمَعَانِيَ الْمُوَافِقَةَ لِلرَّسُولِ وَالْمَعَانِيَ الْمُخَالِفَةَ لَهَا. وَالْأَلْفَاظُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُوجَدُ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَنَوْعٌ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَيَعْرِفَ مَعْنَى الْأَوَّلِ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْأَصْلَ وَيَعْرِفُ مَا يَعْنِيهِ النَّاسُ بِالثَّانِي وَيُرَدَّ إلَى الْأَوَّلِ. هَذَا طَرِيقُ أَهْلِ الْهُدَى وَالسُّنَّةِ وَطَرِيقُ أَهْلِ الضَّلَالِ وَالْبِدَعِ بِالْعَكْسِ يَجْعَلُونَ الْأَلْفَاظَ الَّتِي أَحْدَثُوهَا وَمَعَانِيهَا هِيَ الْأَصْلَ وَيَجْعَلُونَ مَا قَالَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ تَبَعًا لَهُمْ فَيَرُدُّونَهَا بِالتَّأْوِيلِ وَالتَّحْرِيفِ إلَى مَعَانِيهِمْ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ نُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِالْعَقْلِ وَاللُّغَةِ يَعْنُونَ أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ مَعْنًى بِعَقْلِهِمْ وَرَأْيِهِمْ ثُمَّ يَتَأَوَّلُونَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ بِمَا يُمْكِنُهُمْ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ وَالتَّفْسِيرَاتِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: أَكْثَرُ مَا يُخْطِئُ النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّأْوِيلِ وَالْقِيَاسِ. وَقَالَ: يَجْتَنِبُ الْمُتَكَلِّمُ فِي الْفِقْهِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ الْمُجْمَلِ وَالْقِيَاسِ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ يَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ أَهْلُ الْبِدَعِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ