للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ إنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ الْإِفْهَامُ فَإِذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ ذَلِكَ كَانَ عَبَثًا وَبَاطِلًا وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ فِعْلِ الْبَاطِلِ وَالْعَبَثِ فَكَيْفَ يَقُولُ الْبَاطِلَ وَالْعَبَثَ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ يُنَزِّلُهُ عَلَى خَلْقِهِ لَا يُرِيدُ بِهِ إفْهَامَهُمْ وَهَذَا مِنْ أَقْوَى حُجَجِ الْمُلْحِدِينَ. وَأَيْضًا فَمَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ إلَّا وَقَدْ تَكَلَّمَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ فِي مَعْنَاهَا وَبَيَّنُوا ذَلِكَ وَإِذَا قِيلَ فَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ قِيلَ كَمَا قَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي آيَاتِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَآيَاتِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ مَعْنَاهَا وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَفْسِيرَ الْمُتَشَابِهِ فَإِنَّ الْمُتَشَابِهَ قَدْ يَكُونُ فِي آيَاتِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَمَا يَكُونُ فِي آيَاتِ الْخَبَرِ وَتِلْكَ مِمَّا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَعْرِفَةِ الرَّاسِخِينَ لِمَعْنَاهَا فَكَذَلِكَ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْنُّفَاةِ لَمْ يَعْلَمْ مَعْنَى الْمُتَشَابِهُ إلَّا اللَّهُ لَا مَلَكٌ وَلَا رَسُولٌ وَلَا عَالِمٌ وَهَذَا خِلَافُ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي مُتَشَابِهِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. وَأَيْضًا فَلَفْظُ التَّأْوِيلِ يَكُونُ لِلْمُحْكَمِ كَمَا يَكُونُ لِلْمُتَشَابِهِ كَمَا دَلَّ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَعْنَى الْمُحْكَمِ فَكَذَلِكَ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ وَأَيُّ فَضِيلَةٍ فِي الْمُتَشَابِهِ حَتَّى يَنْفَرِدَ اللَّهُ بِعِلْمِ مَعْنَاهُ وَالْمُحْكَمُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَقَدْ بَيَّنَ مَعْنَاهُ لِعِبَادِهِ فَأَيُّ فَضِيلَةٍ فِي الْمُتَشَابِهِ حَتَّى يَسْتَأْثِرَ اللَّهُ بِعِلْمِ مَعْنَاهُ وَمَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ كَوَقْتِ السَّاعَةِ لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ