للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَمَادِيَّةِ لَمْ تُعْبَدْ لِذَاتِهَا بَلْ لِأَسْبَابٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ وَشِرْكُ الْعَرَبِ كَانَ أَعْظَمُهُ الْأَوَّلَ وَكَانَ فِيهِ مِنْ الْجَمِيعِ. فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ هُوَ أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَكَانَ قَدْ أَتَى الشَّامَ وَرَآهُمْ بِالْبَلْقَاءِ لَهُمْ أَصْنَامٌ يَسْتَجْلِبُونَ بِهَا الْمَنَافِعَ وَيَدْفَعُونَ بِهَا الْمَضَارَّ فَصُنْعُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي مَكَّةَ لَمَّا كَانَتْ خُزَاعَةُ وُلَاةَ الْبَيْتِ قَبْلَ قُرَيْشٍ وَكَانَ هُوَ سَيِّدَ خُزَاعَةَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْت عَمْرَو بْنَ لحي بْنِ قَمْعَةَ بْنِ خندف يَجُرُّ قَصَبَهُ فِي النَّارِ - أَيْ أَمْعَاءَهُ - وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إبْرَاهِيمَ وَسَيَّبَ السَّوَائِبَ وبحر الْبَحِيرَةَ} . وَكَذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - شِرْكُ قَوْمِ نُوحٍ وَإِنْ كَانَ مَبْدَؤُهُ مِنْ عِبَادَةِ الصَّالِحِينَ فَالشَّيْطَانُ يَجُرُّ النَّاسَ مِنْ هَذَا إلَى غَيْرِهِ لَكِنَّ هَذَا أَقْرَبُ إلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الرَّجُلَ الصَّالِحَ وَبَرَكَتَهُ وَدُعَاءَهُ فَيَعْكُفُونَ عَلَى قَبْرِهِ وَيَقْصِدُونَ ذَلِكَ مِنْهُ فَتَارَةً يَسْأَلُونَهُ وَتَارَةً يَسْأَلُونَ اللَّهَ بِهِ وَتَارَةً يُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ عِنْدَ قَبْرِهِ ظَانِّينَ أَنَّ الصَّلَاةَ وَالدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرِهِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا مَبْدَأَ الشِّرْكِ سَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبَابَ كَمَا سَدَّ بَابَ الشِّرْكِ بِالْكَوَاكِبِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ {عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسِ: إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ} وَفِي