للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدُّعَاءِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ كَمَا يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَإِنَّ زِيَارَةَ قَبْرِ الْمُؤْمِنِ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَتِهِ يَفْعَلُ فِي هَذَا مِنْ جِنْسِ مَا يَفْعَلُ فِي هَذَا وَيَقْصِدُ بِالدُّعَاءِ هُنَا مَا يَقْصِدُ بِالدُّعَاءِ هُنَا. وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا أَنَّ الْأَنْصَارَ بَايَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ بِالْوَادِي الَّذِي وَرَاءَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَكَانٌ مُنْخَفِضٌ قَرِيبٌ مِنْ مِنًى يَسْتُرُ مَنْ فِيهِ فَإِنَّ السَّبْعِينَ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَدْ حَجُّوا مَعَ قَوْمِهِمْ الْمُشْرِكِينَ وَمَا زَالَ النَّاسُ يَحُجُّونَ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَهُ فَجَاءُوا مَعَ قَوْمِهِمْ إلَى مِنًى؛ لِأَجْلِ الْحَجِّ ثُمَّ ذَهَبُوا بِاللَّيْلِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لِقُرْبِهِ وَسَتْرِهِ لَا لِفَضِيلَةٍ فِيهِ وَلَمْ يَقْصِدُوهُ لِفَضِيلَةٍ تَخُصُّهُ بِعَيْنِهِ. وَلِهَذَا لَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ لَمْ يَذْهَبُوا إلَيْهِ وَلَا زَارُوهُ وَقَدْ بَنَى هُنَاكَ مَسْجِدًا وَهُوَ مُحْدَثٌ وَكُلُّ مَسْجِدٍ بِمَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا غَيْرُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَهُوَ مُحْدَثٌ وَمِنًى نَفْسُهَا لَمْ يَكُنْ بِهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدٌ مَبْنِيٌّ وَلَكِنْ قَالَ {مِنًى مُنَاخٌ لِمَنْ سَبَقَ} فَنَزَلَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ وَكَانَ يُصَلِّي بِالْمُسْلِمِينَ بِمِنًى وَغَيْرِ مِنًى وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَاجْتِمَاعُ الْحُجَّاجِ بِمِنًى أَكْثَرُ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ بِغَيْرِهَا فَإِنَّهُمْ يُقِيمُونَ بِهَا أَرْبَعًا وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ بِالنَّاسِ بِمِنًى وَغَيْرِ مِنًى وَكَانُوا يَقْصُرُونَ