للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَقَامَ الصَّلَاةَ} الْآيَاتِ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ. ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ} فَإِنَّ الْمُرَادَ بِعِمَارَتِهَا عِمَارَتُهَا بِالْعِبَادَةِ فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ يُقَالُ مَدِينَةٌ عَامِرَةٌ إذَا كَانَتْ مَسْكُونَةً وَمَدِينَةٌ خَرَابٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ} . وَأَمَّا نَفْسُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فَيَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَذَلِكَ يُسَمَّى بِنَاءً كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ مَا كَانَ لَهُمْ عِمَارَةُ مَسَاجِدِ اللَّهِ مَعَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ وَبَيَّنَ أَنَّمَا يَعْمُرُهَا مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إلَّا اللَّهَ وَهَذِهِ صِفَةُ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَإِخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ الَّذِينَ لَا يَخْشَوْنَ إلَّا اللَّهَ وَلَا يَرْجُونَ سِوَاهُ وَلَا يَسْتَعِينُونَ إلَّا بِهِ وَلَا يَدْعُونَ إلَّا إيَّاهُ وَعُمَّارُ الْمَشَاهِدِ يَخَافُونَ غَيْرَ اللَّهِ وَيَرْجُونَ غَيْرَهُ وَيَدْعُونَ غَيْرَهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ إنَّمَا يَعْمُرُ مَشَاهِدَ اللَّهِ فَإِنَّ الْمَشَاهِدَ لَيْسَتْ بُيُوتَ اللَّهِ إنَّمَا هِيَ بُيُوتُ الشِّرْكِ وَلِهَذَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ فِيهَا مَدْحُ الْمَشَاهِدِ وَلَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي