للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى ذِكْرِ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ وَسْوَاسِ النَّاسِ فَإِنَّهُ تَابِعٌ لِوَسْوَاسِ الْجِنِّ. قِيلَ: بَلْ الْوَسْوَسَةُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ مِنْ الْجِنِّ وَنَوْعٌ مِنْ نُفُوسِ الْإِنْسِ. كَمَا قَالَ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} فَالشَّرُّ مِنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا وَالْإِنْسُ لَهُمْ شَيَاطِينُ كَمَا لِلْجِنِّ شَيَاطِينُ وَالْوَسْوَسَةُ مِنْ جِنْسِ الْوَشْوَشَةِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ يُقَالُ فُلَانٌ يُوَشْوِشُ فُلَانًا وَقَدْ وَشْوَشَهُ إذَا حَدَّثَهُ سِرًّا فِي أُذُنِهِ وَكَذَلِكَ الْوَسْوَسَةُ وَمِنْهُ وَسْوَسَةُ الْحُلِيِّ لَكِنْ هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَخَصُّ. ورَبُّ النَّاسِ: الَّذِي يُرَبِّيهِمْ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ - وَتَدْبِيرِهِ وَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ كُلِّهِمْ فَهُوَ الْخَالِقُ لِلْجَمِيعِ وَلِأَعْمَالِهِمْ. {مَلِكِ النَّاسِ} الَّذِي يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ فَإِنَّ الْمَلِكَ يَتَصَرَّفُ بِالْكَلَامِ وَالْجَمَادُ لَا مَلِكَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْقِلُ الْخِطَابَ لَكِنْ لَهُ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَلِكُ لِمَنْ يَفْهَمُ عَنْهُ وَالْحَيَوَانُ يَفْهَمُ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ كَمَا قَالَ: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} . فَلِهَذَا كَانَ لَهُ مَلِكٌ مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَمَا كَانَ سُلَيْمَانُ مَلِكَهُمْ. وَالْإِلَهُ: هُوَ الْمَعْبُودُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْإِرَادَاتِ وَالْأَعْمَالِ كُلِّهَا كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّمَا خَصَّ النَّاسَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَعِيذُونَ أَوْ لِأَنَّهُمْ