للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي كُلِّ شَيْءٍ فَأَظْلَمَ وَ " الْغَسَقُ " الظُّلْمَةُ وَقَالَ الزَّجَّاجُ. (الْغَاسِقُ الْبَارِدُ فَقِيلَ لِلَّيْلِ غَاسِقٌ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَدُ مِنْ النَّهَارِ أَوْ يُقَالُ الْغَسَقُ السَّيَلَانُ وَالْإِحَاطَةُ وَغَسَقُ اللَّيْلِ سَيَلَانُهُ وَإِحَاطَتُهُ بِالْأَرْضِ وَإِذَا فُسِّرَ بِالْقَمَرِ فَقَدْ يُقَالُ وُقُوبُهُ أَيْ دُخُولُهُ وَهُوَ دُخُولُهُ فِي الْكُسُوفِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ تَفْسِيرِهِ بِاللَّيْلِ وَبِالْقَمَرِ فَإِنَّ الْقَمَرَ آيَةُ اللَّيْلِ فَهُنَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ: اللَّيْلُ مُطْلَقًا ثُمَّ الْقَمَرُ مُطْلَقًا ثُمَّ الْقَمَرُ حَالَ كُسُوفِهِ. وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُسْتَعَاذِ بِهِ فَإِنَّ عُمُومَ الْفَلَقِ لِلْخَلْقِ بِإِزَاءِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَخُصُوصُهُ بِالْفَجْرِ الَّذِي هُوَ ظُهُورُ النُّورِ بِإِزَاءِ الْغَاسِقِ إذَا وَقَبَ الَّذِي هُوَ دُخُولُ الظَّلَامِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْغَاسِقُ: الثُّرَيَّا إذَا سَقَطَتْ وَكَانَتْ الْأَسْقَامُ وَالطَّوَاعِينُ تَكْثُرُ عِنْدَ وُقُوعِهَا وَقَدْ تَقَعُ عِنْدَ طُلُوعِهَا وَيُشْبِهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ النُّورَ هُوَ جِنْسُ الْخَيْرِ وَالظُّلْمَةُ جِنْسُ الشَّرِّ وَفِي اللَّيْلِ يَقَعُ مِنْ الشُّرُورِ النَّفْسَانِيَّةِ مَا لَا يَقَعُ فِي النَّهَارِ وَالْقَمَرُ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْأَرْضِ لَا سِيَّمَا حَالَ كُسُوفِهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إنَّهُمَا آيَتَانِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ} وَالتَّخْوِيفُ إنَّمَا يَكُونُ بِانْعِقَادِ سَبَبِ الْخَوْفِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ سَبَبِ الْعَذَابِ أَوْ مَظِنَّتِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْكُسُوفَ مَظِنَّةُ حُدُوثِ عَذَابٍ بِأَهْلِ الْأَرْضِ؛