للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَد يُذَاكِرُ بِأَشْيَاءَ مِنْ حِفْظِهِ فَإِذَا طَلَبَ الْمُسْتَمِعُ الرِّوَايَةَ أَخْرَجَ كِتَابَهُ فَحَدَّثَ مِنْ الْكِتَابِ. فَهُنَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ: أَنْ يَقْصِدَ اسْتِرْعَاءَهُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِيلَهُ لِيَرْوِيَهُ عَنْهُ وَأَنْ يَقْصِدَ مُحَادَثَتَهُ بِهِ لَا لِيَرْوِيَهُ عَنْهُ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ إلَّا التَّكَلُّمَ بِهِ مَعَ نَفْسِهِ.

(وَالنَّوْعُ الثَّانِي) أَنْ يَقْرَأَ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَيُقِرُّ بِهِ كَمَا يَقْرَأُ الْمُتَعَلِّمُ الْقُرْآنَ عَلَى الْمُعَلِّمِ وَيُسَمِّيه الْحِجَازِيُّونَ الْعَرْضَ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَمِّلَ يَعْرِضُ الْحَدِيثَ عَلَى الْمُحَمِّلِ كَعَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَعَرْضِ مَا يَشْهَدُ بِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْحُكْمِ وَالْعُقُودِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ: مِنْ الْحَاكِمِ وَالشَّاهِدِ وَالْمُقِرِّ وَالْعَاقِدِ وَعَرَضَ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ فَيَقُولُ نَعَمْ وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ كَاللَّفْظِ. وَلِهَذَا قُلْنَا: إذَا قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: أَزَوَّجْت؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَلِلزَّوْجِ أَقَبِلْت؟ فَقَالَ: نَعَمْ انْعَقَدَ النِّكَاحُ وَكَانَ ذَلِكَ صَرِيحًا؛ فَإِنَّ نَعَمْ تَقُومُ مَقَامَ التَّكَلُّمِ بِالْجُمْلَةِ الْمُسْتَفْهِمِ عَنْهَا؛ فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُمْ: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ وَاَللَّهُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ؟ وأحدثك فُلَانٌ بِكَذَا؟ وأزوجت فُلَانًا بِكَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: وَجَدْت مَا وَعَدَنِي رَبِّي وَاَللَّهُ أَمَرَنِي بِكَذَا وَكَذَا وَحَدَّثَنِي فُلَانٌ بِكَذَا وَكَذَا وَزَوَّجْت فُلَانًا كَذَا لَكِنْ هَذَا جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ وَذَاكَ خَبَرُ مُبْتَدَإِ وَنَعَمْ كَلِمَةٌ مُخْتَصَرَةٌ تُغْنِي عَنْ التَّفْصِيلِ.