للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْإِجَازَةُ لَمْ تَعْرِفْهُ الْحَدِيثُ وَتُفِيدُهُ عِلْمُهُ كَمَا عَرَّفَهُ ذَلِكَ السَّمَاعُ مِنْهُ وَالْعَرْضُ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذِهِ فِي الشَّهَادَاتِ. وَأَمَّا نَظِيرُ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُنَاوَلَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِهَا فِي الشَّهَادَاتِ لَكِنْ قَدْ ذَكَرْت فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ الرِّوَايَةَ لَهَا مَقْصُودَانِ: الْعِلْمُ وَالسِّلْسِلَةُ فَأَمَّا الْعِلْمُ فَلَا يَحْصُلُ بِالْإِجَازَةِ وَأَمَّا السِّلْسِلَةُ فَتَحْصُلُ بِهَا كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ الْيَوْمَ عَلَى شَيْخٍ فَهُوَ فِي الْعِلْمِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَرَأَهُ مِنْ خَمْسمِائَةِ سَنَةً وَأَمَّا فِي السِّلْسِلَةِ فَقِرَاءَتُهُ عَلَى الْمُقْرِئِ الْقَرِيبِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَى فِي السِّلْسِلَةِ وَكَذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيّ وَابْنِ عُلَيَّةَ كَتَوَاتُرِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْهُ وَصَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ لَا فَرْقَ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَبَيْنَ الْإِنْسَانِ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ مُتَوَاتِرٌ عَنْهُ فَأَمَّا السِّلْسِلَةُ فَالْعُلُوّ أَشْرَفُ مِنْ النُّزُولِ فَفَائِدَةُ الْإِجَازَةِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ جِنْسِ فَائِدَةِ الْإِسْنَادِ الْعَالِي بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّازِلِ إذَا لَمْ يَفِدْ زِيَادَةً فِي الْعِلْمِ. وَهَلْ هَذَا الْمَقْصُودُ دِينٌ مُسْتَحَبٌّ؟ هَذَا يُتَلَقَّى مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَد: طَلَبُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي سُنَّةٌ عَمَّنْ مَضَى كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ يَرْحَلُونَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْمَدِينَةِ لِيُشَافِهُوا الصَّحَابَةَ فَنَقُولُ: كُلَّمَا قَرُبَ الْإِسْنَادُ كَانَ أَيْسَرَ مَئُونَةً وَأَقَلَّ كُلْفَةً وَأَسْهَلَ فِي الرِّوَايَةِ وَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ قَدْ عُلِمَتْ صِحَّتُهُ وَأَنَّ