للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ مُسَمَّى الْقُعُودِ وَالِاسْتِقْرَارِ يُقَالُ فِيهِ مَا يُقَالُ فِي مُسَمَّى الِاسْتِوَاءِ؛ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاخِلَةً فِي ذَلِكَ: فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْتِوَاءِ وَالْقُعُودِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَلَيْسَ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَوِيًا وَلَا مُسْتَقِرًّا وَلَا قَاعِدًا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي مُسَمَّى ذَلِكَ إلَّا مَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الِاسْتِوَاءِ فَإِثْبَاتُ أَحَدِهِمَا وَنَفْيُ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ بَيْنَ مُسَمَّى الِاسْتِوَاءِ وَالِاسْتِقْرَارِ وَالْقُعُودِ فُرُوقًا مَعْرُوفَةً. وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا أَنْ يُعْلَمَ خَطَأُ مَنْ يَنْفِي الشَّيْءَ مَعَ إثْبَاتِ نَظِيرِهِ وَكَأَنَّ هَذَا الْخَطَأَ مِنْ خَطَئِهِ فِي مَفْهُومِ اسْتِوَائِهِ عَلَى الْعَرْشِ حَيْثُ ظَنَّ أَنَّهُ مِثْلُ اسْتِوَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى ظُهُورِ الْأَنْعَامِ وَالْفُلْكِ وَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الِاسْتِوَاءَ إلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ كَمَا أَضَافَ إلَيْهِ سَائِرَ أَفْعَالِهِ وَصِفَاتِهِ. فَذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَ ثُمَّ اسْتَوَى كَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ قَدَّرَ فَهَدَى وَأَنَّهُ بَنَى السَّمَاءَ بِأَيْدٍ وَكَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ مَعَ مُوسَى وَهَارُونَ يَسْمَعُ وَيَرَى وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. فَلَمْ يَذْكُرْ اسْتِوَاءً مُطْلَقًا يَصْلُحُ لِلْمَخْلُوقِ وَلَا عَامًّا يَتَنَاوَلُ الْمَخْلُوقَ كَمَا لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ صِفَاتِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ اسْتِوَاءً أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ فَلَوْ قُدِّرَ - عَلَى وَجْهِ الْفَرْضِ الْمُمْتَنِعِ - أَنَّهُ هُوَ مِثْلُ خَلْقِهِ - تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ - لَكَانَ اسْتِوَاؤُهُ مِثْلَ اسْتِوَاءِ خَلْقِهِ أَمَّا إذَا كَانَ هُوَ لَيْسَ مُمَاثِلًا لِخَلْقِهِ بَلْ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ الْغَنِيُّ عَنْ الْخَلْقِ وَأَنَّهُ الْخَالِقُ لِلْعَرْشِ وَلِغَيْرِهِ وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ