للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكُونُ الشَّجَرَةُ كَفِرْعَوْنَ. وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِنَحْوِ الِاتِّحَادِيَّةِ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَيُنْشِدُونَ: وَكُلُّ كَلَامٍ فِي الْوُجُودِ كَلَامُهُ سَوَاءٌ عَلَيْنَا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ وَهَذَا يَسْتَوْعِبُ أَنْوَاعَ الْكُفْرِ وَلِهَذَا كَانَ مِنْ الْأَمْرِ الْبَيِّنِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ: الْمُتَكَلِّمُ لَا يَقُومُ بِهِ كَلَامٌ أَصْلًا. فَإِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَكَلِّمِ؛ إذْ لَيْسَ الْمُتَكَلِّمُ إلَّا هَذَا وَلِهَذَا كَانَ أَوَّلُوهُمْ يَقُولُونَ: لَيْسَ بِمُتَكَلِّمِ. ثُمَّ قَالُوا: هُوَ مُتَكَلِّمٌ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَذَلِكَ لِمَا اسْتَقَرَّ فِي الْفِطَرِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِهِ كَلَامٌ وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ فَاعِلًا لَهُ كَمَا يَقُومُ بِالْإِنْسَانِ كَلَامُهُ وَهُوَ كَاسِبٌ لَهُ. أَمَّا أَنْ يَجْعَلَ مُجَرَّدَ إحْدَاثِ الْكَلَامِ فِي غَيْرِهِ كَلَامًا لَهُ: فَهَذَا هُوَ الْبَاطِلُ. وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الظُّلْمِ فَهَبْ أَنَّ الظَّالِمَ مَنْ فَعَلَ الظُّلْمَ فَلَيْسَ هُوَ مَنْ فَعَلَهُ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ فِعْلٌ أَصْلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَامَ بِهِ فِعْلٌ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا إلَى غَيْرِهِ فَهَذَا جَوَابٌ. ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: الظُّلْمُ فِيهِ نِسْبَةٌ وَإِضَافَةٌ فَهُوَ ظُلْمٌ مِنْ الظَّالِمِ بِمَعْنَى: أَنَّهُ عُدْوَانٌ وَبَغْيٌ مِنْهُ وَهُوَ ظُلْمٌ لِلْمَظْلُومِ بِمَعْنَى أَنَّهُ بَغْيٌ وَاعْتِدَاءٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدًّى عَلَيْهِ بِهِ وَلَا هُوَ مِنْهُ عُدْوَانٌ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِظُلْمِ لَا مِنْهُ وَلَا لَهُ.