للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْعَدْلِ مِنْ إتْلَافِ زِيَادَةٍ فِي الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَهَذِهِ حُجَّةُ مَنْ رَأَى مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ فِي الْعُنُقِ قَالَ: لِأَنَّ الْقَتْلَ بِغَيْرِ السَّيْفِ وَفِي غَيْرِ الْعُنُقِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةَ بَلْ قَدْ يَكُونُ التَّحْرِيقُ وَالتَّغْرِيقُ وَالتَّوْسِيطُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَشَدَّ إيلَامًا؛ لَكِنْ الَّذِينَ قَالُوا: يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ قَوْلُهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ؛ فَإِنَّهُ مَعَ تَحَرِّي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ يَكُونُ الْعَبْدُ قَدْ فَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَدْلِ وَمَا حَصَلَ مِنْ تَفَاوُتِ الْأَلَمِ خَارِجٌ عَنْ قُدْرَتِهِ. وَأَمَّا إذَا قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ وَسَطَهُ فَقُوبِلَ ذَلِكَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ بِالسَّيْفِ؛ أَوْ رَضَّ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَضُرِبَ بِالسَّيْفِ فَهُنَا قَدْ تَيَقَّنَّا عَدَمَ الْمُعَادَلَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ. وَكُنَّا قَدْ فَعَلْنَا مَا تَيَقَّنَّا انْتِفَاءَ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ وَأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ وُجُودُهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُمَاثَلَةَ قَدْ تَقَعُ؛ إذْ التَّفَاوُتُ فِيهِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ. وَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ فِي الضَّرْبَةِ وَاللَّطْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَدَلَ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى التَّعْزِيرِ؛ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَهُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَد: مَا جَاءَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثُبُوتِ الْقِصَاصِ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَالْمُمَاثَلَةِ. فَإِنَّا إذَا تَحَرَّيْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِهِ مِنْ جِنْسِ فِعْلِهِ وَنُقَرِّبَ