للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَمَنِ اقْبَلُوا الْبُشْرَى؛ إذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ فَقَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالُوا: جِئْنَاك لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَك عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ: كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَفِي لَفْظٍ مَعَهُ وَفِي لَفْظٍ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} " وَفِي لَفْظٍ: " {ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} " ثُمَّ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: أَدْرِكْ نَاقَتَك فَذَهَبْت فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا فَوَاَللَّهِ لَوَدِدْت إنِّي تَرَكْتهَا وَلَمْ أَقُمْ. قَوْلُهُ: {كَتَبَ فِي الذِّكْرِ} يَعْنِي: اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ كَمَا قَالَ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} أَيْ: مِنْ بَعْد اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ يُسَمَّى مَا يُكْتَبُ فِي الذِّكْرِ ذِكْرًا كَمَا يُسَمَّى مَا يُكْتَبُ فِيهِ كِتَابًا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} . وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى قَوْلَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ مَقْصُودَ الْحَدِيثِ إخْبَارُهُ بِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مَوْجُودًا وَحْدَهُ ثُمَّ إنَّهُ ابْتَدَأَ إحْدَاثَ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ وَإِخْبَارُهُ بِأَنَّ الْحَوَادِثَ لَهَا ابْتِدَاءٌ بِجِنْسِهَا وَأَعْيَانِهَا مَسْبُوقَةٌ بِالْعَدَمِ وَإِنَّ جِنْسَ الزَّمَانِ حَادِثٌ لَا فِي زَمَانٍ وَجِنْسِ الْحَرَكَاتِ والمتحركات حَادِثٌ وَإِنَّ اللَّهَ صَارَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ الْأَزَلِ إلَى حِينِ ابْتَدَأَ الْفِعْلَ؛ وَلَا كَانَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا. ثُمَّ هَؤُلَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: وَكَذَلِكَ صَارَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ