للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطَّرِيقِ وَالْبَاغِي عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ. وَالْمَرْأَةِ النَّاشِزِ. وَلِهَذَا تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ وَالْعَاصِي فِي سَفَرِهِ فَقَالُوا: إذَا سَافَرَ سَفَرًا مُبَاحًا كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْجِهَادِ جَازَ لَهُ فِيهِ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ عَصَى فِي ذَلِكَ السَّفَرِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّرَخُّصُ بِرُخَصِ السَّفَرِ كَالْفِطْرِ وَالْقَصْرِ؟ فِيهِ نِزَاعٌ: فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَ هَذَا السَّفَرَ وَهَذَا السَّفَرَ عُلِمَ أَنَّ مَقْصُودَهُ ذِكْرُ جِنْسِ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا لَا نَفْسُ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ بِنَفْسِهِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَمَقْصُودُهُ ذِكْرُ جِنْسِ النِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ يَتَبَيَّنُ أَنَّ قَوْلَهُ: " {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} " مِمَّا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ كَمَا قَالَ: " {بُعِثْت بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ} " وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَجْمَعِ الْكَلِمِ الْجَوَامِعِ الَّتِي بُعِثَ بِهَا فَإِنَّ كُلَّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ عَامِلٌ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ هُوَ بِحَسَبِ مَا نَوَاهُ فَإِنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ مَقْصُودًا حَسَنًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ الْمَقْصُودُ الْحَسَنُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ مَقْصُودًا سَيِّئًا كَانَ لَهُ مَا نَوَاهُ.