للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُسَلِّمُ أَنَّ الطَّهَارَةَ غَيْرَ الْمَنْوِيَّةِ لَيْسَتْ عِبَادَةً وَلَا ثَوَابَ فِيهَا وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِهَا فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ " لَا يَدُلُّ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ إلَّا إذَا ضُمَّتْ إلَيْهِ مُقَدِّمَةٌ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَكُونُ إلَّا عِبَادَةً وَالْعِبَادَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةِ وَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ إذَا سَلِمَتْ لَمْ تَحْتَجْ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا فَإِنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةِ بِخِلَافِ مَا يَقَعُ عِبَادَةً وَغَيْرَ عِبَادَةٍ كَأَدَاءِ الْأَمَانَاتِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ. وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مَدَارُهَا عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ هَلْ يَقَعُ غَيْرَ عِبَادَةٍ؟ وَالْجُمْهُورُ يَحْتَجُّونَ بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي ثَوَابِهِ كَقَوْلِهِ: {إذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَيَقُولُونَ: فَفِيهِ الثَّوَابُ لِعُمُومِ النُّصُوصِ وَالثَّوَابُ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ النِّيَّةِ فَالْوُضُوءُ لَا يَكُونُ إلَّا بِنِيَّةِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: الطَّهَارَةُ شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ فَلَا تُشْتَرَطُ لَهَا النِّيَّةُ كَاللِّبَاسِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَأُولَئِكَ يَقُولُونَ: اللِّبَاسُ وَالْإِزَالَةُ يَقَعَانِ عِبَادَةً وَغَيْرَ عِبَادَةٍ وَلِهَذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِثَوَابِ الْإِنْسَانِ عَلَى جِنْسِ اللِّبَاسِ وَالْإِزَالَةِ وَقَدْ وَرَدَتْ النُّصُوصُ بِالثَّوَابِ عَلَى جِنْسِ الْوُضُوءِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: النُّصُوصُ وَرَدَتْ بِالثَّوَابِ عَلَى الْوُضُوءِ الْمُعْتَادِ