للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلُ:

وَالنِّيَّةُ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنْ نَوَى بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ بِاتِّفَاقِهِمْ وَقَدْ خَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ غَلِطَ فِيهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا ذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِهَا كَلَامٌ فَظَنَّ بَعْضُ الغالطين أَنَّهُ أَرَادَ التَّكَلُّمَ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّكْبِيرَ وَالنِّيَّةُ تَتْبَعُ الْعِلْمَ فَمَنْ عَلِمَ مَا يُرِيدُ فِعْلَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ ضَرُورَةً كَمَنْ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامًا لِيَأْكُلَهُ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْأَكْلَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ وَكَذَلِكَ الرُّكُوبُ وَغَيْرُهُ؛ بَلْ لَوْ كَلَّفَ الْعِبَادَ أَنْ يَعْمَلُوا عَمَلًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ كُلِّفُوا مَا لَا يُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا مَشْرُوعًا أَوْ غَيْرَ مَشْرُوعٍ فَعِلْمُهُ سَابِقٌ إلَى قَلْبِهِ وَذَلِكَ هُوَ النِّيَّةُ وَإِذَا عَلِمَ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ يُرِيدُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ إذَا عَلِمَهُ ضَرُورَةً وَإِنَّمَا يَتَصَوَّرُ عَدَمَ النِّيَّةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا يُرِيدُ مِثْلَ مَنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ وَاغْتَسَلَ لِلنَّظَافَةِ أَوْ لِلتَّبَرُّدِ أَوْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعَلِّمَ غَيْرَهُ الْوُضُوءَ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ لِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَيُصْبِحُ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ.