للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ} .

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} فَهَذَا مِنْ بَابِ الْبَيْتِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} فَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا خَارِجَ الْحَرَمِ فَإِذَا دَخَلُوا الْحَرَمَ أَوْ لَقِيَ الرَّجُلُ قَاتِلَ أَبِيهِ لَمْ يَهْجُهُ وَكَانَ هَذَا مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِيهِ كَمَا قَالَ: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} وَالْإِسْلَامُ زَادَ حُرْمَتَهُ. فَمَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مَنْ أَصَابَ حَدًّا خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا؛ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدِ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرًا وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدِ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدِ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ قَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ} .