للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَؤُلَاءِ إذَا أَطْلَقُوا عَلَى الصفاتية اسْمَ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ: كَانَ هَذَا بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ الَّذِي يُنَازِعُهُمْ فِيهِ أُولَئِكَ ثُمَّ تَقُولُ لَهُمْ أُولَئِكَ: هَبْ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ يُسَمَّى فِي اصْطِلَاحِ بَعْضِ النَّاسِ تَشْبِيهًا فَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَنْفِهِ عَقْلٌ وَلَا سَمْعٌ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ نَفْيُ مَا نَفَتْهُ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْعَقْلِيَّةُ وَالْقُرْآنُ قَدْ نَفَى مُسَمَّى الْمِثْلِ وَالْكُفْءِ وَالنِّدِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَقُولُونَ الصِّفَةُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَيْسَتْ مِثْلَ الْمَوْصُوفِ وَلَا كُفُؤَهُ وَلَا نِدَّهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّصِّ وَأَمَّا الْعَقْلُ: فَلَمْ يَنْفِ مُسَمَّى التَّشْبِيهِ فِي اصْطِلَاحِ الْمُعْتَزِلَةِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَقُولُونَ: إنَّ الصِّفَاتِ لَا تَقُومُ إلَّا بِجِسْمِ مُتَحَيِّزٍ وَالْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ فَلَوْ قَامَتْ بِهِ الصِّفَاتُ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُمَاثِلًا لِسَائِرِ الْأَجْسَامِ وَهَذَا هُوَ التَّشْبِيهُ وَكَذَلِكَ يَقُولُ: هَذَا كَثِيرٌ مِنْ الصفاتية الَّذِينَ يُثْبِتُونَ الصِّفَاتِ وَيَنْفُونَ عُلُوَّهُ عَلَى الْعَرْشِ وَقِيَامَ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: الصِّفَاتُ قَدْ تَقُومُ بِمَا لَيْسَ بِجِسْمِ وَأَمَّا الْعُلُوُّ عَلَى الْعَالَمِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ جِسْمًا فَلَوْ أَثْبَتْنَا عُلُوَّهُ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ جِسْمًا وَحِينَئِذٍ فَالْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ فَيَلْزَمُ التَّشْبِيهُ فَلِهَذَا تَجِدُ هَؤُلَاءِ يُسَمُّونَ مَنْ أَثْبَتَ الْعُلُوَّ وَنَحْوَهُ مُشَبِّهًا وَلَا يُسَمُّونَ مَنْ أَثْبَتَ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْكَلَامَ وَنَحْوَهُ مُشَبِّهًا كَمَا يَقُولُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَأَمْثَالُهُ.