للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِلْمُ اللَّهِ بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ كَوْنِهَا وَكِتَابَتِهِ إيَّاهَا وَإِخْبَارِهِ بِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ وُجُودِ أَعْيَانِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ أَعْيَانُهَا حَتَّى تُخْلَقَ وَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ثُبُوتِ الشَّيْءِ فِي الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ وَالْكِتَابِ وَبَيْنَ حَقِيقَتِهِ فِي الْخَارِجِ وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْوُجُودِ الْعِلْمِيِّ وَالْعَيْنِيِّ: عَظُمَ جَهْلُهُ وَضَلَالُهُ. وَأَهْلُ الْعِلْمِ قَدْ أَعْظَمُوا النَّكْبَةَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: الْمَعْدُومُ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ لِهَؤُلَاءِ شُبْهَةٌ عَقْلِيَّةٌ لِكَوْنِهِمْ ظَنُّوا أَنَّ تَمَيُّزَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ يَقْتَضِي تَمْيِيزَهُ فِي الْخَارِجِ فَإِنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي ذَلِكَ وَالتَّحْقِيقُ الْفَرْقُ بَيْنَ الثُّبُوتِ الْعِلْمِيِّ وَالْعَيْنِيِّ وَأَمَّا وُجُودُ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ خَلْقِهَا فَهَذَا أَعْظَمُ فِي الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ. وَأَمَّا دَعْوَاهُ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ كُلَّهُمْ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ يَسْتَفِيدُونَ مِنْ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ فَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالشَّرْعِ؛ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَخِيَارُ الْأَوْلِيَاءِ أَتْبَعُهُمْ لِلْأَنْبِيَاءِ كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ مَنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَكَذَلِكَ دَعْوَاهُ أَنَّ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ يَأْخُذُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ مِنْ حَيْثُ يَأْخُذُهُ النَّبِيُّ؛ وَيَأْخُذُ الْعِلْمَ الْبَاطِنَ مِنْ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُلْكَ مَا يُوحِيه إلَى النَّبِيِّ؛ فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ النُّبُوَّةَ فَيْضًا يَفِيضُ عَلَى عَقْلِ النَّبِيِّ وَيَقُولُونَ: إنَّ الْمُلْكَ