للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى الْفُلَانِيَّ هُوَ الَّذِي لِأَجْلِهِ حَكَمَ الشَّارِعُ بِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي صُورَةٍ أُخْرَى؛ فَهَذَا الْقِيَاسُ لَا يُنَازِعُ فِيهِ إلَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ. وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ دَعْوَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَامِلَةٌ لِلثَّقَلَيْنِ: الْإِنْسِ وَالْجِنِّ عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِمْ فَلَا يُظَنُّ أَنَّهُ خَصَّ الْعَرَبَ بِحُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ أَصْلًا بَلْ إنَّمَا عَلَّقَ الْأَحْكَامَ بِاسْمِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ؛ وَمُؤْمِنٍ وَمُنَافِقٍ؛ وَبَرٍّ وَفَاجِرٍ؛ وَمُحْسِنٍ وَظَالِمٍ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا الْحَدِيثِ تَخْصِيصُ الْعَرَبِ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَلَكِنْ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ظَنَّ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ كَمَا ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ خَصَّ الْعَرَبَ بِأَنْ لَا يُسْتَرَقُّوا وَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُمْ يُسْتَرَقُّونَ كَمَا صَحَّتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ حَيْثُ اُسْتُرِقَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَفِيهِمْ جُوَيْرِيَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَعْتَقَ بِسَبَبِهَا مَنْ اُسْتُرِقَّ مِنْ قَوْمِهَا. وَقَالَ فِي حَدِيثِ هَوَازِنَ: {اخْتَارُوا إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إمَّا السَّبْيَ؛ وَإِمَّا الْمَالَ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ