للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ الدَّمُ يَجْمَعُ قُوَى النَّفْسِ مِنْ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ فَإِذَا اغْتَذَى مِنْهُ زَادَتْ شَهْوَتُهُ وَغَضَبُهُ عَلَى الْمُعْتَدِلِ وَلِهَذَا لَمْ يَحْرُمْ مِنْهُ إلَّا الْمَسْفُوحُ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ. وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ يُورِثُ عَامَّةَ الْأَخْلَاقِ الْخَبِيثَةِ؛ إذْ كَانَ أَعْظَمُ الْحَيَوَانِ فِي أَكْلِ كُلِّ شَيْءٍ لَا يَعَافُ شَيْئًا وَاَللَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ شَيْئًا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَإِنَّمَا حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} . وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْهِمْ إلَّا الْخَبَائِثَ كَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ فَأَمَّا غَيْرُ الْمَسْفُوحِ كَاَلَّذِي يَكُونُ فِي الْعُرُوقِ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ بَلْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ اللَّحْمَ فِي الْقِدْرِ فَيَرَوْنَ آثَارَ الدَّمِ فِي الْقِدْرِ؛ وَلِهَذَا عَفَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَنْ الدَّمِ الْيَسِيرِ فِي الْبَدَنِ وَالثِّيَابِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْفُوحٍ وَإِذَا عُفِيَ عَنْهُ فِي الْأَكْلِ فَفِي اللِّبَاسِ وَالْحَمْلِ أَوْلَى أَنْ يُعْفَى عَنْهُ. وَكَذَلِكَ رِيقُ الْكَلْبِ يُعْفَى عَنْهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّيْدِ كَمَا هُوَ