للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضِّدَّيْنِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْآخَرِ فَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ بِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْقِدَمِ: عُلِمَ امْتِنَاعُ الْعَدَمِ وَالْحُدُوثِ عَلَيْهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ غَنِيٌّ عَمَّا سِوَاهُ فَالْمُفْتَقِرُ إلَى مَا سِوَاهُ فِي بَعْضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفْسِهِ: لَيْسَ هُوَ مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ بَلْ بِنَفَسِهِ وَبِذَلِكَ الْآخَرِ الَّذِي أَعْطَاهُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَلَا يُوجَدُ إلَّا بِهِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ فَكُلُّ مَا نَافَى غِنَاهُ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ؛ وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدِيرٌ قَوِيٌّ فَكُلُّ مَا نَافَى قُدْرَتَهُ وَقُوَّتَهُ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ حَيٌّ قَيُّومٌ فَكُلُّ مَا نَافَى حَيَاتَهُ وقيوميته فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَالسَّمْعُ قَدْ أَثْبَتَ لَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِ الْكَمَالِ مَا قَدْ وَرَدَ فَكُلُّ مَا ضَادَّ ذَلِكَ فَالسَّمْعُ يَنْفِيه كَمَا يَنْفِي عَنْهُ الْمِثْلَ وَالْكُفُؤَ فَإِنَّ إثْبَاتَ الشَّيْءِ نَفْيٌ لِضِدِّهِ وَلِمَا يَسْتَلْزِمُ ضِدَّهُ وَالْعَقْلُ يَعْرِفُ نَفْيَ ذَلِكَ كَمَا يَعْرِفُ إثْبَاتَ ضِدِّهِ فَإِثْبَاتُ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ نَفْيٌ لِلْآخَرِ وَلِمَا يَسْتَلْزِمُهُ. فَطُرُقُ الْعِلْمِ بِنَفْيِ مَا يُنَزَّهُ عَنْهُ الرَّبُّ مُتَّسِعَةٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى مُجَرَّدِ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ كَمَا فَعَلَهُ أَهْلُ الْقُصُورِ وَالتَّقْصِيرِ: الَّذِينَ تَنَاقَضُوا فِي ذَلِكَ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ حَتَّى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا احْتَجَّ عَلَيْهِ مَنْ نَفَاهُ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ التَّشْبِيهَ وَكَذَلِكَ احْتَجَّ الْقَرَامِطَةُ عَلَى نَفْيِ جَمِيعِ الْأُمُورِ حَتَّى نَفَوْا النَّفْيَ فَقَالُوا: