للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَأَمَّا مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ؛ فَهُوَ: مَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِمَّا أَقَرُّوا عَلَيْهِ وَسَاغَ لَهُمْ الْعَمَلُ بِهِ مِنْ اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايِخِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْمُلُوكِ كَاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ فِي قَطْعِ اللِّينَةِ وَتَرْكِهَا: وَاجْتِهَادِهِمْ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ لَمَّا بَعَثَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُصَلُّوا الْعَصْرَ إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَصَلَّى قَوْمٌ فِي الطَّرِيقِ فِي الْوَقْتِ وَقَالُوا: إنَّمَا أَرَادَ التَّعَجُّلَ لَا تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ. وَأَخَّرَهَا قَوْمٌ إلَى أَنْ وَصَلُوا وَصَلَّوْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ لَفْظِ الْعُمُومِ فَلَمْ يُعَنِّفْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَةً مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ {وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ} .

وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ فِي مَسَائِلَ تَنَازَعُوا فِيهَا؛ عَلَى إقْرَارِ كُلِّ فَرِيقٍ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ عَلَى الْعَمَلِ بِاجْتِهَادِهِمْ كَمَسَائِلَ فِي الْعِبَادَاتِ والمناكح وَالْمَوَارِيثِ وَالْعَطَاءِ وَالسِّيَاسَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَحَكَمَ عُمَرُ أَوَّلَ عَامٍ فِي الْفَرِيضَةِ الحمارية بِعَدَمِ التَّشْرِيكِ وَفِي الْعَامِ الثَّانِي بِالتَّشْرِيكِ فِي وَاقِعَةٍ مِثْلَ الْأُولَى وَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي