للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(و)

أَمَّا الْمُتَقَابِلَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ إمَّا أَلَّا يَصِحَّ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ: أَوْ يَصِحَّ ذَلِكَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُمَا مُتَقَابِلَانِ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ وَهُوَ تَقَابُلُ التَّنَاقُضِ؛ وَالتَّنَاقُضُ هُوَ اخْتِلَافُ الْقَضِيَّتَيْنِ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ لِذَاتَيْهِمَا؛ كَقَوْلِنَا: زَيْدٌ حَيَوَانٌ زَيْدٌ لَيْسَ بِحَيَوَانِ. وَمِنْ خَاصَّةِ اسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ: أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَلَا اسْتِحَالَةَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ؛ إذْ كَوْنُ الْمَوْجُودِ وَاجِبًا بِنَفْسِهِ وَمُمْكِنًا بِنَفْسِهِ. لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ فَإِذَا جَعَلْتُمْ هَذَا التَّقْسِيمَ: وَهُمَا " النَّقِيضَانِ مَا لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ " فَهَذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ وَلَيْسَ هُمَا السَّلْبُ وَالْإِيجَابُ فَلَا يَصِحُّ حَصْرُ النَّقِيضَيْنِ - اللَّذَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ - فِي السَّلْبِ وَالْإِيجَابِ وَحِينَئِذٍ فَقَدَ ثَبَتَ وَصْفَانِ - شَيْئَانِ - لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ؛ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى هَذَا فَمَنْ جَعَلَ الْمَوْتَ مَعْنًى وُجُودِيًّا: فَقَدْ يَقُولُ إنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ وَكَذَلِكَ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ وَالصَّمَمُ وَالْبُكْمُ وَنَحْوُ ذَلِكَ