للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْجَمِيعِ وَمَنْ كَفَرَ بِالْمَلَائِكَةِ كَفَرَ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ فَكَانَ كَافِرًا بِاَللَّهِ إذْ كَذَّبَ رُسُلَهُ وَكُتُبَهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَفَرَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ كَذَّبَ الْكُتُبَ وَالرُّسُلَ فَكَانَ كَافِرًا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ذَمَّهُمْ عَلَى الْوَصْفَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقْتَضٍ لِلذَّمِّ وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ؛ وَلِهَذَا نَهَى عَنْهُمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فَإِنَّهُ مَنْ لَبَّسَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ فَغَطَّاهُ بِهِ فَغَلِطَ بِهِ لَزِمَ أَنْ يَكْتُمَ الْحَقَّ الَّذِي تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ إذْ لَوْ بَيَّنَهُ زَالَ الْبَاطِلُ الَّذِي لَبِسَ بِهِ الْحَقُّ. فَهَكَذَا مُشَاقَّةُ الرَّسُولِ وَاتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ شَاقَّهُ فَقَدْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَمَنْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ فَقَدْ شَاقَّهُ أَيْضًا؛ فَإِنَّهُ قَدْ جَعَلَ لَهُ مُدْخَلًا فِي الْوَعِيدِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَصْفٌ مُؤَثِّرٌ فِي الذَّمِّ فَمَنْ خَرَجَ عَنْ إجْمَاعِهِمْ فَقَدْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ قَطْعًا وَالْآيَةُ تُوجِبُ ذَمَّ ذَلِكَ. وَإِذَا قِيلَ: هِيَ إنَّمَا ذِمَّتُهُ مَعَ مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ. قُلْنَا: لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنْصُوصًا عَنْ الرَّسُولِ فَالْمُخَالِفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ لِلرَّسُولِ كَمَا أَنَّ الْمُخَالِفَ لِلرَّسُولِ مُخَالِفٌ لِلَّهِ وَلَكِنْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ قَدْ بَيَّنَهُ الرَّسُولُ؛ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.