للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَيْهِ كَالْخُرُوجِ إلَى بَعْضِ نَوَاحِي الْبَلَدِ؛ وَالْبَلَدُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ بَرِيدٍ مَتَى سَارَ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ إلَى الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا؛ فَالنَّاسُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمُتَنَقِّلِ فِي الْمَسَاكِنِ وَمَا يَتْبَعُهَا وَبَيْنَ الْمُسَافِرِ الرَّاحِلِ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. كَمَا كَانَ أَهْلُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْهَبُونَ إلَى حَوَائِطِهِمْ وَلَا يَكُونُونَ مُسَافِرِينَ وَالْمَدِينَةُ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُورٌ بَلْ كَانَتْ قَبَائِلَ قَبَائِلَ وَدُورًا دُورًا وَبَيْنَ جَانِبَيْهَا مَسَافَةٌ كَبِيرَةٌ فَلَمْ يَكُنْ الرَّاحِلُ مِنْ قَبِيلَةٍ إلَى قَبِيلَةٍ مُسَافِرًا؛ وَلَوْ كَانَ كُلُّ قَبِيلَةٍ حَوْلَهُمْ حِيطَانُهُمْ وَمَزَارِعُهُمْ فَإِنَّ اسْمَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَتَنَاوَلُ هَذَا كُلَّهُ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} فَجُعِلَ النَّاسُ قِسْمَيْنِ: أَهْلُ بَادِيَةٍ هُمْ الْأَعْرَابُ؛ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ فَكَانَ السَّاكِنُونَ كُلُّهُمْ فِي الْمَدَرِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَهَذَا يَتَنَاوَلُ قُبَاء وَغَيْرَهَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُورٌ كَمَا هِيَ الْيَوْمَ. وَالْأَبْوَابُ تُفْتَحُ وَتُغْلَقُ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا أَنْقَابٌ وَتِلْكَ الْأَنْقَابُ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَ قُبَاء وَغَيْرِهَا لَكِنَّ لَفْظَ الْمَدِينَةِ قَدْ يَعُمُّ حَاضِرَ الْبَلَدِ وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي جَمِيعِ الْمَدَائِنِ يَقُولُ الْقَائِلُ: ذَهَبْت إلَى دِمَشْقَ أَوْ مِصْرَ أَوْ بَغْدَادَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَسَكَنْت فِيهَا وَأَقَمْت فِيهَا مُدَّةً وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ وَهُوَ إنَّمَا كَانَ سَاكِنًا خَارِجَ السُّورِ فَاسْمُ الْمَدِينَةِ يَعُمُّ تِلْكَ الْمَسَاكِنَ كُلَّهَا؛ وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ