للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَكِنْ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ نَصٌّ وَلَمْ يَعْلَمْ قَائِلًا بِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي: أَجْمَعَ عَلَى نَقِيضِهِ أَمْ لَا؟ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَأَى دَلِيلًا عَارَضَهُ آخَرُ وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَعْلَمْ رُجْحَانَ أَحَدِهِمَا فَهَذَا يَقِفُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ رُجْحَانُ هَذَا أَوْ هَذَا فَلَا يَقُولُ قَوْلًا بِلَا عِلْمٍ وَلَا يَتَّبِعُ نَصًّا. . . (١) مَعَ ظَنِّ نَسْخِهِ وَعَدَمِ نَسْخِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ لِمَا عَارَضَهُ عِنْدَهُ مِنْ نَصٍّ آخَرَ أَوْ ظَنِّ إجْمَاعٍ وَلَا عَامًّا ظَنُّ تَخْصِيصِهِ وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ نَفْيُ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ وَإِلَّا وُقِفَ. وَأَيْضًا فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْإِجْمَاعِ يُحْتَجُّ بِهِ فِي خِلَافِ النَّصِّ إنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ ثُبُوتُ الْإِجْمَاعِ أَوْ يَكُونُ مَعَهُ نَصٌّ آخَرُ يُنْسَخُ الْأَوَّلُ وَمَا يَظُنُّهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ مَعَهُ. وَأَكْثَرُ مَسَائِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّتِي يَحْتَجُّونَ فِيهَا بِالْعَمَلِ يَكُونُ مَعَهُمْ فِيهَا نَصٌّ فَالنَّصُّ الَّذِي مَعَهُ الْعَمَلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ كَتَقْدِيمِ حَدِيثِ عُثْمَانَ: {لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ} عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا رَدُّ النَّصِّ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ فَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي مُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ: هَلْ يَكْفُرُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.


(١) بياض بالأصل