للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمْ يُمْكِنْ الْجِهَادُ إلَّا بِمَا يُفْضِي إلَى قَتْلِهِمْ فَفِيهِ قَوْلَانِ. وَمَنْ يُسَوِّغُ ذَلِكَ يَقُولُ: قَتْلُهُمْ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْجَلَّادِ مِثْلَ قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ الْمُقَاتِلِينَ يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَمِثْلُ ذَلِكَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى الْمَبَاذِلِ؛ وَقِتَالِ الْبُغَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ إبَاحَةُ نِكَاحِ الْأَمَةِ خَشْيَةَ الْعَنَتِ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ أَيْضًا. وَأَمَّا الرَّابِعُ: فَمِثْلُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ؛ فَإِنَّ الْأَكْلَ حَسَنَةٌ وَاجِبَةٌ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِهَذِهِ السَّيِّئَةِ وَمَصْلَحَتُهَا رَاجِحَةٌ وَعَكْسُهُ الدَّوَاءُ الْخَبِيثُ؛ فَإِنَّ مَضَرَّتَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى مَصْلَحَتِهِ مِنْ مَنْفَعَةِ الْعِلَاجِ لِقِيَامِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ؛ وَلِأَنَّ الْبُرْءَ لَا يُتَيَقَّنُ بِهِ وَكَذَلِكَ شُرْبُ الْخَمْرِ لِلدَّوَاءِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ السَّيِّئَةَ تُحْتَمَلُ فِي مَوْضِعَيْنِ دَفْعِ مَا هُوَ أَسْوَأُ مِنْهَا إذَا لَمْ تُدْفَعْ إلَّا بِهَا وَتَحْصُلُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ مِنْ تَرْكِهَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ إلَّا بِهَا وَالْحَسَنَةُ تُتْرَكُ فِي مَوْضِعَيْنِ إذَا كَانَتْ مُفَوِّتَةً لِمَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهَا؛ أَوْ مُسْتَلْزِمَةً لِسَيِّئَةٍ تَزِيدُ مَضَرَّتُهَا عَلَى مَنْفَعَةِ الْحَسَنَةِ. هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَازَنَاتِ الدِّينِيَّةِ. وَأَمَّا سُقُوطُ الْوَاجِبِ لِمَضَرَّةِ فِي الدُّنْيَا؛ وَإِبَاحَةُ الْمُحَرَّمِ لِحَاجَةِ فِي الدُّنْيَا؛ كَسُقُوطِ الصِّيَامِ لِأَجْلِ السَّفَرِ؛ وَسُقُوطِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ