للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنَّمَا الْغَالِبُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَسَادُ النِّيَّةِ وَالْعَمَلِ أَمَّا النِّيَّةُ فَبِقَصْدِهِ. السُّلْطَانَ وَالْمَالَ وَأَمَّا الْعَمَلُ فَبِفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَبِتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ لَا لِأَجْلِ التَّعَارُضِ وَلَا لِقَصْدِ الْأَنْفَعِ وَالْأَصْلَحِ. ثُمَّ الْوِلَايَةُ وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً أَوْ وَاجِبَةً فَقَدْ يَكُونُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ الْمُعِينِ غَيْرُهَا أَوْجَبُ. أَوْ أَحَبُّ فَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ خَيْرُ الْخَيْرَيْنِ وُجُوبًا تَارَةً وَاسْتِحْبَابًا أُخْرَى. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ تَوَلِّي يُوسُفَ الصِّدِّيقَ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ لِمَلِكِ مِصْرَ بَلْ وَمَسْأَلَتُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَكَانَ هُوَ وَقَوْمُهُ كُفَّارًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُ: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} الْآيَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَعَ كُفْرِهِمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَادَةٌ وَسُنَّةٌ فِي قَبْضِ الْأَمْوَالِ وَصَرْفِهَا عَلَى حَاشِيَةِ الْمَلِكِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَجُنْدِهِ وَرَعِيَّتِهِ وَلَا تَكُونُ تِلْكَ جَارِيَةً عَلَى سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَدْلِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ يُوسُفُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا يُرِيدُ وَهُوَ مَا يَرَاهُ مِنْ دِينِ اللَّهِ فَإِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَكِنْ فَعَلَ الْمُمْكِنَ مِنْ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَنَالَ بِالسُّلْطَانِ مِنْ إكْرَامِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُ أَنْ يَنَالَهُ بِدُونِ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: