للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَثُرَ فِي الْمُتَفَقِّرَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ مَنْ يَنْحَرِفُ عَنْ الطَّاعَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يُبَالُونَ إذَا حَصَلَ لَهُمْ تَوْحِيدُ الْقَلْبِ وَتَأَلُّهُهُ أَنْ يَكُونَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَشَرَعَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالدَّعَوَاتِ أَنْ يَتَنَاوَلُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْ الْمَطَاعِمِ وَأَنْ يَتَعَبَّدُوا بِالْعِبَادَاتِ الْبِدْعِيَّةِ مِنْ الرَّهْبَانِيَّةِ وَنَحْوِهَا ويعتاضوا بِسَمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَأَنْ يَقِفُوا مَعَ الْحَقِيقَةِ الْقَدَرِيَّةِ مُعْرِضِينَ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى وَحْدَانِيِّتِهِ وَقَائِمٌ بِكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهَا بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ وَصَادِرٌ عَنْ مَشِيئَتِهِ النَّافِذَةِ وَمُدَبَّرٌ بِقُدْرَتِهِ الْكَامِلَةِ. فَقَدْ يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ تَأَلُّهٌ ملي فَقَطْ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَقْلِيِّ والْمِلِّي وَهُوَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ بِحَيْثُ يُنِيبُ إلَى اللَّهِ وَيُحِبُّهُ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَيُعْرِضُ عَنْ الدُّنْيَا؛ لَكِنْ لَا يَقِفُ عِنْدَ الْمَشْرُوعِ مِنْ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فِعْلًا وَتَرْكًا وَقَدْ يَحْصُلُ الْعَكْسُ بِحَيْثُ يَقِفُ عِنْدَ الْمَشْرُوعِ مِنْ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ لِقَلْبِهِ إنَابَةٌ وَتَوَكُّلٌ وَمَحَبَّةٌ وَقَدْ يَحْصُلُ التَّمَسُّكُ بِالْوَاجِبَاتِ الْعَقْلِيَّةِ. مِنْ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُحَافَظَةٍ عَلَى الْوَاجِبَاتِ الْمِلِّية وَالشَّرْعِيَّةِ. وَهَؤُلَاءِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ إذَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ مُسْلِمِينَ؛ فَقَدْ شَابُوا الْإِسْلَامَ إمَّا بِيَهُودِيَّةٍ وَإِمَّا بِنَصْرَانِيَّةٍ وَإِمَّا بصابئية؛ إذَا كَانَ مَا انْحَرَفُوا إلَيْهِ مُبَدَّلًا مَنْسُوخًا وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَشْرُوعًا فموسوية أَوْ عيسوية.