للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهَا: مَا نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ وَكَرِهَهُ الْمَظْلُومُ. الثَّانِي: مَا نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ وَإِنْ لَمْ يَكْرَهْهُ الْمَظْلُومُ كَالزِّنَا وَالْمَيْسِرِ. وَالثَّالِثُ: مَا كَرِهَهُ صَاحِبُهُ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ رَخَّصَ فِيهِ فَهَذَا لَيْسَ بِظُلْمِ. وَالرَّابِعُ: مَا لَمْ يَكْرَهْهُ صَاحِبُهُ وَلَا الشَّارِعُ؛ وَإِنَّمَا نَهَى الشَّارِعُ عَنْ مَا يَرْضَى بِهِ صَاحِبُهُ إذَا كَانَ ظُلْمًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ جَاهِلٌ بِمَصْلَحَتِهِ فَقَدْ يَرْضَى مَا لَا يَعْرِفُ أَنَّ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرًا وَيَكُونُ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ؛ وَلِهَذَا إذَا انْكَشَفَ لَهُ حَقِيقَةُ الْحَالِ لَمْ يَرْضَ؛ وَلِهَذَا قَالَ طاوس مَا اجْتَمَعَ رَجُلَانِ عَلَى غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ إلَّا تَفَرَّقَا عَنْ تَقَالٍ فَالزَّانِي بِامْرَأَةٍ أَوْ غُلَامٍ إنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا فَهَذَا ظُلْمٌ وَفَاحِشَةٌ وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ فَهَذَا فَاحِشَةٌ وَفِيهِ ظُلْمٌ أَيْضًا لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بِمُوَافَقَتِهِ أَعَانَ الْآخَرَ عَلَى مَضَرَّةِ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هُوَ الَّذِي دَعَا الْآخَرَ إلَى الْفَاحِشَةِ فَإِنَّهُ قَدْ سَعَى فِي ظُلْمِهِ وَإِضْرَارِهِ بَلْ لَوْ أَمَرَهُ بِالْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا حَظَّ لَهُ فِيهَا لَكَانَ ظَالِمًا لَهُ؛ وَلِهَذَا يَحْمِلُ مِنْ أَوْزَارِ الَّذِي يُضِلُّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَكَيْفَ إذَا سَعَى فِي أَنْ يَنَالَ غَرَضَهُ مِنْهُ مَعَ إضْرَارِهِ.