للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} . وَالضَّالُّ ضِدُّ الْمُهْتَدِي وَهُوَ الْعَادِلُ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ بِلَا عِلْمٍ وَعَدَمُ الْعِلْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْهُدَى بِالْمَأْمُورِ تَرْكُ وَاجِبٍ فَأَصْلُ كُفْرِهِمْ تَرْكُ الْوَاجِبِ وَحِينَئِذٍ تَفَرَّقُوا فِي التَّثْلِيثِ وَالِاتِّحَادِ وَوَقَعَتْ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ وَصَارُوا مَلَكِيَّةً؛ وَيَعْقُوبِيَّةً؛ ونسطورية؛ وَغَيْرَهُمْ وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ بَيَّنَهُ الْقُرْآنُ مَعَ أَنَّ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَانِ أَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ سَبَبٌ لِفِعْلِ الْمُحَرَّمِ قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُمْ تَرَكُوا بَعْضَ مَا أُمِرُوا بِهِ فَكَانَ تَرْكُهُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ الْمُحَرَّمَيْنِ وَكَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ يَكُونُ سَبَبًا لِفِعْلِ الْمُحَرَّمِ كَالْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَالسَّبَبُ أَقْوَى مِنْ الْمُسَبِّبِ. وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْيَهُودِ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} فَنَقْضُ الْمِيثَاقِ تَرْكُ مَا أُمِرُوا بِهِ؛ فَإِنَّ الْمِيثَاقَ يَتَضَمَّنُ وَاجِبَاتٍ وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي