للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَلَا تَتَّقُونَ} {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} وَقَالَ تَعَالَى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَتِمُّوا إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} وَقَالَ: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} . فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْوَفَاءَ بِالْعُهُودِ مِنْ التَّقْوَى الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ وَالْوَفَاءُ بِالْعُهُودِ هُوَ جُمْلَةُ الْمَأْمُورِ بِهِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ إمَّا بِالشَّرْعِ أَوْ بِالشَّرْطِ وَكُلُّ ذَلِكَ فِعْلٌ مَأْمُورٌ بِهِ. وَذَلِكَ وَفَاءٌ بِعَهْدِ اللَّهِ وَعَهْدِ الْعَبِيدِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ التَّقْوَى إمَّا تَقْوَى اللَّهِ: وَإِمَّا تَقْوَى عَذَابِهِ كَمَا قَالَ: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} فَالتَّقْوَى اتِّقَاءُ الْمَحْذُورِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَبِتَرْكِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ بِالْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذَلِكَ تَقْوَى لِأَنَّ تَرْكَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَفِعْلَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ سَبَبُ الْأَمْنِ مِنْ ذَمِّ اللَّهِ وَسَخَطِ اللَّهِ وَعَذَابِ اللَّهِ فَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ خَوْفُ الْإِثْمِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ مَضَرَّةٌ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ الَّذِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَذَكَرَ ذَلِكَ بِاسْمِ التَّقْوَى لِيُبَيِّنَ وُجُوبَ ذَلِكَ وَأَنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَرِّضٌ لِلْعَذَابِ بِتَرْكِ التَّقْوَى. وَنَقُولُ ثَانِيًا: إنَّهُ حَيْثُ عَبَّرَ بِالتَّقْوَى عَنْ تَرْكِ الْمَنْهِيِّ أَنْ قِيلَ ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْبِرُّ مَا أُمِرْت بِهِ؛ وَالتَّقْوَى مَا نُهِيت عَنْهُ. فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا مَقْرُونًا