للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ النِّزَاعَ إلَّا كِتَابٌ مُنَزَّلٌ مِنْ السَّمَاءِ وَإِذَا رَدُّوا إلَى عُقُولِهِمْ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَقْلٌ. وَمِنْ هُنَا يُعْرَفُ ضَلَالُ مَنْ ابْتَدَعَ طَرِيقًا أَوْ اعْتِقَادًا زَعَمَ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَذْكُرْهُ وَمَا خَالَفَ النُّصُوصَ فَهُوَ بِدْعَةٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ خَالَفَهَا فَقَدْ لَا يُسَمَّى بِدْعَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْبِدْعَةُ بِدْعَتَانِ: بِدْعَةٌ خَالَفَتْ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا وَأَثَرًا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذِهِ بِدْعَةُ ضَلَالَةٍ. وَبِدْعَةٌ لَمْ تُخَالِفْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهَذِهِ قَدْ تَكُونُ حَسَنَةً لِقَوْلِ عُمَرَ: نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ هَذَا الْكَلَامُ أَوْ نَحْوُهُ رَوَاهُ البيهقي بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ فِي الْمَدْخَلِ وَيُرْوَى عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَلَّ الْعِلْمُ ظَهَرَ الْجَفَا وَإِذَا قَلَّتْ الْآثَارُ كَثُرَتْ الْأَهْوَاءُ. وَلِهَذَا تَجِدُ قَوْمًا كَثِيرِينَ يُحِبُّونَ قَوْمًا وَيُبْغِضُونَ قَوْمًا لِأَجْلِ أَهْوَاءٍ لَا يَعْرِفُونَ مَعْنَاهَا وَلَا دَلِيلَهَا بَلْ يُوَالُونَ عَلَى إطْلَاقِهَا أَوْ يُعَادُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مَنْقُولَةً نَقْلًا صَحِيحًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَفِ الْأُمَّةِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا هُمْ يَعْقِلُونَ مَعْنَاهَا وَلَا يَعْرِفُونَ لَازِمَهَا وَمُقْتَضَاهَا. وَسَبَبُ هَذَا إطْلَاقُ أَقْوَالٍ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً وَجَعْلُهَا مَذَاهِبَ يُدْعَى