للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثالث: إهمال التأريخ الجاهلي وإعادة تدوينه]

[مدخل]

...

[الفصل الثالث: إهمال التأريخ الجاهلي وإعادة تدوينه]

من الأمور التي تثير الأسف، تهاون المؤرخين في تدوين التأريخ الجاهلي، ولا سيما القسم القديم منه، الذي يبعد عن الإسلام قرنًا فأكثر، فإن هذا القسم منه ضعيف هزيل، لا يصح أن نسميه تأريخًا، بعيد في طبعه وفي مادته عن طبع التواريخ ومادتها.

لقد وفق المؤرخون العرب في كتابة تأريخ الإسلام توفيقًا كبيرًا، من حيث العناية بجمع الروايات والأخبار واستقصائها، وفي رغبتهم في التمحيص. أما التأريخ الجاهلي، فلم يظهروا مقدرة في تدوينه، بل قصروا فيه تقصيرًا ظاهرًا. فاقتصر علمهم فيه على الأمور القريبة من الإسلام، على أنهم حتى في هذه الحقبة لم يجيدوا فيها إجادة كافية، ولم يُظهروا فيها براعة ومهارة، ولم يطرقوا كل الأبواب أو الموضوعات التي تخص الجاهلية. فتركوا لنا فجوات وثُغرًا لم نتمكن من سدّها وردمها حتى الآن ولا سيما في تأريخ جزيرة العرب؛ حيث نجد فراغًا واسعًا، وهو أمر يدعو إلى التساؤل عن الأسباب التي دعت إلى حدوثه: هل كان الإسلام قد تعمّد طمس أخبار الجاهلية؟ أو أن العرب عند ظهور الإسلام لم تكن لديهم كتب مدوّنة في تأريخهم ولا علم بأحوال أسلافهم، وكانت الأسباب قد تقطعت بينهم وبين من تقدمهم؛ فلم يكن لديهم ما يقولونه عن ماضيهم غير هذا الذي وعوه فتحدثوا به إلى الإسلاميين، فوجد سبيله إلى الكتب؟ أو أن العرب لم يكونوا يميلون إلى تدوين تواريخهم؛ فلم يكونوا مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>