للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كل حال، فإن الذي نستنبطه من قصة إضافة "تدمر" إلى المباني التي نسب بناؤها إلى سليمان، هو أن هذه المدينة كانت قد اكتسبت شهرة في أيام تدوين أسفار "أخبار الأيام" وأنها كانت مدينة عامرة شهيرة فيما بين السنة "٣٠٠" و"٢٠٠" قبل الميلاد١.

ويجوز أن تكون الشهرة التي اكتسبتها مدينة "تدمر" "تذمر" في أيام كتبة أسفار "أخبار الأيام" هي التي حملتهم على إضافتها إلى أعمال "سليمان"؛ لأنها "بمباني سليمان" أليق وأنسب من موضع صغير هو "تامار"، فأضافوا هذه المدينة الشهيرة إليه، لتدل على شهرته وعلى مدى بلوغ ملكه في أيامه. وقد أضيف إلى ملك سليمان على هذا النحو من الإضافات ما لا تصح إضافته إليه، وبولغ في ملكه وحكمه في الأيام القديمة التي تلت أيامه؛ لأنه كان من أشهر ملوك "بني إسارئيل"، حتى صارت أخباره من قبيل الأساطير.

وذهب المؤرخ اليهودي "يوسفوس فلافيوس" هذا المذهب أيضًا، فنسب بناء "تدمر" إلى "سليمان"٢. أخذ رأيه هذا من هذا الموضع من التوراة بالطبع، ومن الروايات التي وصلت إليه وكانت قد ظهرت قبله، للسبب المذكور.

أما الروايات العربية، فهي لا تفيد علمًا ولا تصلح أن تكون دليلًا، فهي روايات متأخرة دخلت إلى المسلمين من أهل الكتاب، أشاعها وروجها أمثال "ابن الكلبي" بين الأخباريين، فأخذوها بغير تحقيق ولا تدقيق. وقد ذكر "ياقوت الحموي" أن قومًا يزعمون أنها مما بنته جن سليمان، وأن أهل تدمر يزعمون أن ذلك البناء قبل سليمان بزمان٣.

ولدينا أبيات نسبت إلى "النابغة الذبياني" تتضمن أسطورة بناء جن سليمان لتدمر، امتثالًا لأمره الذي أصدره إليها، فقد نسب إليه قوله:


١ Hastings, P.٨٨٩, Die Araber, I, S., ٣٤٤.
٢ Hommel, In Zdmg., Xiiv, ٥٤٧, Ency., Iii, P.١٠٢٠, P. Dhorme. Palmyre Dans Les Textes Assyriens, In: Revue Biblique, ١٩٢٤, Pp.١٠٦.
٣ البلدان "٢/ ٣٦٩"، "ثم عاد إلى الشام، فوافى تدمر، وكانت موطنه". "ملك سليمان"، الأخبار الطوال "٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>