للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول يجب ألا يفسر على أن مجيء كندة إلى العربية الجنوبية إنما كان بعد سقوط حكومتهم وتشتت أمرهم، فقد أشرت فيما سلف في مواضع إلى وجود كندة في العربية الجنوبية قبل هذا العهد بزمن طويل، وأشرت إلى ورود اسمها في نصوص المسند وإلى الأدوار التي لعبتها في أيام ملوك سبأ وذو ريدان، قبل الإسلام بمئات السنين، بل ربما كان ذلك قبل الميلاد.

وقد رأينا فيما سلف ورود اسم "كندة" كدت" في نص أمر بتدوينه الملك "معديكرب يعفر ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابها في النجاد وفي المنخفضات". وهو من النصوص التي عثر عليها في "وادي مأسل" "وادي ماسل" "مأسل الجمع"١، وقد دون ووضع في موضع "مأسل الجمح"٢ لمناسبة إرسال الحملة العسكرية إلى موضع "كتا" لمحاربة "مذر" أي "المنذر" الذي أعلن الحرب على قبائل هذه الجهات. وقد اشتركت في هذه الحرب قبائل سبأ وحمير و"رحبت" "رحبة" وحضرموت و"يمنت" "اليمن" والأعراب و"كدت" أي "كندة" و"مذحج". واشترك مع المنذر "مذر" بنو ثعلبة "بن ثعلبت" و"شبيع؟ ". وقد أرخ النص بشهر "ذ قيضن" "ذو قيض" "ذو القيض" من سنة "٦٣١" من التقويم الحميري أي في صيف سنة ٥١٦ للميلاد٣.

ويظهر من هذا النص أن "المنذر" كان قد بلغ في حروبه مناطق بعيدة عن قاعدة ملكه، وأنه هو الذي غزا القبائل القاطنة في وادي مأسل الجمع "ما سلم جمحن". ولعله كان يتعقب عشائر كندة ومن كان يؤازرها ويعادي ملك الحيرة، حتى بلغ هذا المكان الذي كان خطًّا أماميًّا من خطوط الدفاع لحكومة "سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابها في الأطواد والمنخفضات". ولهذا السبب هب الملك "معديكرب" لمساعدة "كندة" على نحو ما ورد في النص.

وقد ذكرت "كدت" كندة مع مراد ومذحج والقبائل الأخرى في الهجوم الذي قام به الملك "يوسف إسار" "يوسف أسأر" على الأحباش في مدينة "ظفار"، وعلى المدن التي كانت تناصرهم. وقد ورد تأريخ هذا الهجوم في


١-
كدأبك من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرباب بمأيل
٢ "بما سلم جمحن"
٣ Le Museon, LXVI, ١٩٥٣, P. ٣٠٧, ٣١٠, Ryckmans ٥١٠-٤٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>