للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للبيت ربًّا سيمنعه١.

وتذكر هذه الرواية أن أبرهة رد على عبد المطلب إبله، فرجع إلى قومه وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفًا عليهم من معرة الجيش. فلما وصل جيش الحبش. لم يجد أحدًا بمكة، وتفشى الوباء فيه، واضطر إلى التراجع بسرعة. فلما وصل أبرهة إلى اليمن، هلك فيها بعد مدة قليلة من هذا الحادث٢.

ويذكر "الطبري" أن الأسود بن مقصود لما ساق أموال أهل مكة من قريش وغيرهم، وفي ضمنها إبل عبد المطلب، وأوصلها إلى أبرهة، وأن قريشًا وكنانة وهذيل ومن كان معهم بالحرم من سائر الناس عزمت على ترك القتال؛ إذ تأكدوا أنهم لا طاقة لهم به. بعث أبرهة "حناطة الحميري" إلى مكة، وقال له: سل عن سيد هذا البلد وشريفهم، ثم قل له إن الملك يقول لكم: إني لم آتِ لحربكم، إنما جئت لهدم البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب، فلا حاجة لي بدمائكم، فإن لم يُرد حربي فائتني به، فلما دخل حناطة مكة، سأل عند سيد قريش وشريفها، فقيل له: عبد المطلب، فقال له ما أمره به أبرهة، فقال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم، فإن يمنعه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبينه، فوالله ما عندنا له من دافع عنه. ثم انطلق معه إلى أبرهة. فلما وصل المعسكر سأل عن "ذي نفر"، وكان له صديقًا، فدل عليه، فجاءه وهو في محبسه، فكلمه، ثم توصل بوساطته إلى سائق فيل أبرهة وهو أنيس، وأوصاه خيرًا بعبد المطلب، وكلمه في إيصاله إلى أبرهة، وأن يتكلم فيه عند أبرهة بخير. ونفذ أنيس طلب "ذو نفر" وأدخله عليه، فكان ما كان من حديث٣.

وذكر الطبري: أن بعض أهل الأخبار زعموا أن نفرًا من سادات قريش رافقوا عبد المطلب في ذهابه مع حناطة إلى أبرهة، ذكروا منهم: يعمر "عمرو"


١ الطبري "٢/ ١٣٢ وما بعدها" "دار المعارف"، ابن الأثير "١/ ٣٢١"، تفسير القرطبي "٢٠/ ١٨٩".
٢ الطبري "٢/ ١٣٧ وما بعدها".
٣ تفسير الطبري "٣٠/ ١٩٤ وما بعدها" "بولاق"، تفسير القرطبي "٢٠/ ١٨٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>