للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا نصارى. ومن أشرافهم "بنو عبد المدان بن الديان"، أصحاب كعبة نجران١، وكان فيها أساقفة معتمون، وهم الذين جاءوا إلى النبي ودعاهم إلى المباهلة، مع وفد مؤلف من ستين أو سبعين رجلًا راكبًا، فيهم أربعة عشر رجلًا من أشرافهم، منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أمرهم. العاقب أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرن إلا عن رأيه، واسمه عبد المسيح، والسيد ثمالهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه الأيهم "وهب"، وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل، أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مِدْراسهم٢.

ويذكر الأخباريون أن أبا حارثة كان قد شرف في أهل نجران ودرس الكتب حتى حسن علمه في دينهم، وصار مرجعهم الأكبر فيه. وكانت له حظوة عند ملك الروم، حتى إنه كان يرسل له الأموال والقلعة ليبنوا له الكنائس لما كانت له من منزلة في الدين وفي الدنيا عند قومه. وكان له أخ اسمه "كوز بن علقمة" وقد أسلما مع من أسلم من الناس بعد السنة العاشرة من الهجرة٣.

ويظهر من الحبر المتقدم أن ملوك الروم كانوا على اتصال بنصارى اليمن، وأنهم كانوا يساعدون أساقفتهم ويمولونهم، ويرسلون إليهم العطايا والهبات. وقد أمدوهم بالبنائين والفعلة وبالمواد اللازمة لبناء الكنائس في نجران وفي غيرها من مواضع اليمن، وقد كان من مصلحة الروم مساعدة النصرانية في اليمن وانتشارها؛ لأن في ذلك كسبًا عظيمًا لهم. فبانتشارها يستطيعون تحقيق ما عجز عنه "أوليوس غالوس" حينما كلفه إمبراطور روما اقتحام العربية السعيدة والاستيلاء عليها.

وذكر أهل الأخبار أيضًا، أن رؤساء نجران كانوا يتوارثون كتبًا عندهم، كلما مات رئيس منهم فأضيفت الرئاسة إلى غيره، انتقلت الكتب إليه، وقد عرفت


١ الطبري "٣/ ١٣٢" "دار المعارف". صبح الأعشى "٥/ ٣٩ وما بعدها".
٢ ابن هشام "٢/ ٢٢٢ وما بعدها"، ابن الأثير "٢/ ١٢٢"، ابن خلدون "٢/ ٥٧" "الوفود"، البلدان "٨/ ٢٥٨ وما بعدها"، الطبري "٣/ ١٣٩"، تاج العروس "١/ ٣٨٩"، raccoita, iii, p. ١٢٨.
٣ ابن هشام "٢/ ٢٢٢ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>