للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسلم، و"طوائف من العرب" سوق عكاظ، فيبيعون ويشترون١. كما ذكر أنهم كانوا مثل قريش يقدسون إسافًا ونائلة٢.

وورد في بعض أخبار الأخباريين، أن يوم "ذات نكيف"، وقع بين قريش وبني كنانة؛ فهزمت قريش بني كنانة، وعلى قريش عبد المطلب٣. وقد بقي "الأحابيش" بمكة، إلى أيام الأمويين، فذكر أن "عبد الله المتكبر", وكان من أشراف قريش في أيام "معاوية" ومن أغناها مالًا، لما وفد على "معاوية" وكان خليفة إذ ذاك، كلَّمه في "قريش" ووجوب الاعتماد عليهم ثم في "الأحابيش"، إذ قال له عنهم: "وحلفاؤك من الأحابيش" قد عرفت نصرهم ومؤازرتهم، فاخلطهم نفسك وقومك٤.

وقد بحث "لامانس" في موضوع الأحابيش، فرأى أنهم قوة عسكرية أُلفت من العبيد السود المستوردين من إفريقيا ومن عرب مرتزقة، كونتها مكة للدفاع عنها. وقد بحث مستشرقون آخرون في هذا الموضوع، فمنهم من أيده، ومنهم من توسط في رأيه، ومنهم من أيد الرواية العربية المتقدمة التي ذكرتها. وعندي رأي آخر، قد يفسر لنا سبب تسمية "بني الحارث بن عبد مناة" من "كنانة" ومن أيدها من "بني المصطلق"، و"بني الهون" بالأحابيش, هو أن من الممكن أن تكون هذه التسمية قد وردت إليهم من أجل خضوعهم لحكم الحبش، وذلك قبل الإسلام بزمن طويل، فقد سبق أن ذكرت في الجزء الثالث من كتابي: "تأريخ العرب قبل الإسلام"، وفي أثناء كلامي على "جغرافيا بطلميوس"٥, أن الساحل الذي ذكره "بطلميوس" باسم: "Cinaedocolpitae" إنما هو ساحل "تهامة", وهو منازل "كنانة". وقد بقي الحبش به وقتا طويلا واختلطوا بسكانه، فيجوز أن تكون لفظة "الأحابيش" قد لحقت بعض "كنانة"


١ المحبر "ص٢٦٧".
٢ المحبر "٣١٨".
٣ اللسان "٩/ ٣٤٢" "نكف", قال ابن سغلة الفهري:
فلله عينا من رأى من عصابة ... غوت غي بكر يوم ذات نكيف
أناخوا إلى أبياتنا ونسائنا ... فكانوا لنا ضيفًا لشر مضيف
تاج العروس "٦/ ٢٦١", "نكف".
٤ نسب قريش "٣٨٩".
٥ "٣٩٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>