للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للدفاع عن السادة في أيام السلم, وفي أيام الحرب١.

وقد سبق أن أشرتُ إلى وجود "أحابيش" بين أهل مكة، زعم الإخباريون أنهم عرب، وأنهم إنما عرفوا بالأحابيش؛ لأنهم تحابشوا, أي: تحالفوا وتعاهدوا على التناصر والتآزر عند جبل "حبشي"، فهم على زعم هؤلاء الإخباريين أحابيش آخرون لا صلة لهم بالأحابيش الذين أتحدث عنهم.

وقد أشار أهل الأخبار إلى أن قومًا من أشراف مكة تزوجوا حبشيات, فأولدن لهم أولادًا. ذكروا منهم "نضلة بن هاشم بن عبد مناف" و"نفيل بن عبد العزى" و"عمرو بن ربيعة" و"الخطاب بن نفيل" والد "عمر بن الخطاب", ويذكر أن "ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري" عيَّر "عمر بن الخطاب" فقال له: يابن السوداء, فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} ٢, و"عمرو بن العاص" وجماعة آخرين٣.

وقامت بخدمة قريش طائفة أخرى من الآلات الحية، هي أدق عملًا وأحسن خدمةً وأرقى في الإنتاج من الطائفة الأولى: الأحابيش، استوردت من الشمال من بلاد الشام والعراق، هي الأسرى البيض الذين كانوا يقعون في أيدي الروم أو الفرس أو القبائل المغيرة على الحدود، فيباعون في أسواق النخاسة, ومنها ينقلون إلى مختلف أنحاء جزيرة العرب للقيام بمختلف الأعمال. يضاف إلى هؤلاء، الرقيق المستورد من أسواق أوروبا، لبيعه في أسواق الشرق، وأسعار هذه البضاعة وإن كانت أغلى ثمنًا من أسعار البضاعة المستوردة من إفريقيا، إلا أن الجودة في الإنتاج والتفنن فيه، والبراعة في الصناعات التي لا تعرفها بضاعة الجنوب تعوِّض عن هذا الفرق.


١ راجع مقال الأب لامانس في مجلة المشرق، السنة الرابعة والثلاثون "١٩٣٦" "ص١ وما بعدها", "ص٥٢٧ وما بعدها", وعنوانه: "الأحابيش والنظام العسكري في مكة".
٢ الحجرات, الآية ١١.
٣ المحبر "ص٣٠٦", "أبناء الحبشيات".

<<  <  ج: ص:  >  >>